أصبحت المواد الإباحية مثيرة للجدل مع استمرار انتشارها عبر الإنترنت وسهولة توافرها للقاصرين من جميع الأعمار. ففي حين يعتبر الكثير من الناس أن المواد الإباحية منحلّة وفاسدة وتضرّ مشاهديها، هنالك من يجادل بأنها مهمة للتوعية الجنسية، ظنًا بأنها تساعد على تخفيف الشعور بالعار وتحسين التواصل بين الزوجين. سنستعرض في هذه المقالة تأثير الإباحية على المجتمع وسنبيّن الجدال حول آثارها الأخلاقية.
عرّف قاموس أوكسفورد المواد الإباحية على أنها التمثيل الصريح للنشاط الجنسي تصويرًا أم كتابةً. وقد تطورت وسائل الوصول للمواد الإباحية مع التطور التكنولوجي من المطبوعات إلى الوسائط الرقمية، مما سهّل الوصول إليها. وقد أثارت الغريزة اللحظية اسئلة متعددة حول تأثير المواد الإباحية على النفس البشرية.
ذكر الباحثون أن للمواد الإباحية تأثيران على مشاهديها. وتكشف دراسة موجزة للأدب المعاصر عن وجود أربعة جوانب نفسية معرَّضة لخطرها.
توصلت دراسة تولهوفر في عام 2018 إلى دليل مقطعي يثبت ارتباط مشاهدة المواد الإباحية بانخفاض الصحة النفسية لدى المراهقين، إلّا أنه لم يتضح ارتباط هذه التغيرات بشدة مشاهدة هذه الفئة للمواد الإباحية. كما ارتبطت مشاهدة الإباحية لدى المراهقات بازدياد التكبّر وظهور أعراض الاكتئاب والقلق، ويترتب عن انخفاض رضاهن الذاتي ازدياد مشاهدتهن للمواد الإباحية.
في السنوات الماضية، أظهرت أبحاث كثيرة أثر المواد الإباحية على ثقة الأفراد بمظهر أجسادهم. وتتضح خطورة المواد الإباحية في الضرر الذي تسبب به عرض الإعلام لأجسام مثالية، والزيادة المتصاعدة في إجراء العمليات التجميلية. فالمواد الإباحية كما يعتقد الكثير تؤدي إلى تكوّن نظرة غير واقعية نحو “الجمال”، وتشوه نظرة الناس لأنفسهم وغيرهم.
للمواد الإباحية ضرر خطير على العلاقات، وعلى وجه الخصوص العلاقات الزوجية، حيث أظهرت البحوث أن الأزواج المتابعين للمواد الإباحية، يظهر عليهم عدم الرضا في علاقاتهم، مقارنة بالذين لا يتابعونها، وأنها تؤدي إلى ارتفاع نسبة الخيانة، وتشويه صورة العلاقة الجنسية الصحيحة. كما ربطت البحوث بين متابعة الإباحيات وزيادة المشاكل النفسية كالاكتئاب والقلق التي تؤثر على العلاقة بين الزوجين.
بالرغم من أن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية لم يصنف المواد الإباحية من المدمنات، أكدت البحوث صحة الظاهرة.
وقد صنفت منظمة الصحة العالمية السلوك الجنسي القهري على أنه اضطراب نفسي في عام 2018م. ورغم أنها لم تذكر فيه إدمان الإباحيات أو غيره من الأنواع الإدمان، وصفته بأنه نشاط جنسية متكرر تتمحور حوله حياة الشخص لدرجة إهمال صحته واهتماماته ومسؤولياته.
إضافة إلى الآثار الجسدية عند رؤية المحتوى الإباحي، ينبغي أن تؤخذ التداعيات النفسية على محمل الجد. رغم أن الآثار النفسية ليست ظاهرة مثل الأعراض الجسدية، إلا أن تأثيرها على طفل صغير أو مراهق ضار بنفس القدر. إذ لدى حوالي 83% من الأحداث الذين ارتكبوا جرائم متعلقة بالجنس والمواد الإباحية سوابق في التنمر اللفظي، و80% منهم لديه سوابق في الكذب، و79% في السرقة، و78% في التنمر الجسدي، و70% في الخداع، و65% في الحرق العمد، و54% هربوا من المنزل، و49% كانوا متغيبين عن المدرسة.
رغم أن هذه النتائج تخص مراهقين كانوا يعانون من اضطرابات سابقًا، لا يقلل من أهميتها، فهي تدل على وجود صلة بين مشاهدة المواد الإباحية واكتساب السلوكيات الخطيرة. لذلك، يصبح الأطفال الذين يشاهدون المواد الإباحية أكثر عرضة للزنا، والشذوذ، والاستمناء.
هذه الآثار النفسية مهمة للغاية لأنها تشكل كيفية تواصل الأفراد، فمشاهدة المواد الإباحية تؤثر على المجتمع وعلاقة الأفراد وتفاعلهم مع بعضهم البعض تبعًا لتأثيرها الكبير على الحالة النفسية للفرد والأفعال الناتجة عن هذه الحالة الذهنية.
إن عواقب مشاهدة المواد الإباحية خطيرة، لذلك يجب على الناس إدراك مدى الضرر الذي تحدثه المواد الإباحية، فهي تتسبب في إحداث أضرار عاطفية لدى المراهقين والشباب، بالإضافة إلى المشكلات السلوكية.
لا يمكن إنكار أن المواد الإباحية لها جمهور كبير. حيث أصبح الوصول إلى محتوى الإباحي أسهل من أي وقت مضى، ولكنها تتسبب بآثار نفسية على مشاهديها منها تشويه التوقعات الجنسية في العلاقات، وخطر إدمان مشاهدتها.
المترجمين: أسامة بدر الحربي، محمد بن عبدالوهاب بن حميد، باسمة الشافيالمدقق: محمد العبدالرحمنالتدقيق النهائي لترجمة المقال: رغد بن حسن |