عفة لتعزيز الفضيلة

الآثار المترتبة لمشاهدة المواد الإباحية على الحياة الزوجية والأسرية وعلى الفرد والمجتمع

إعداد الدكتور: باتريك فاجان

1 ديسمبر، 2009

تقدِّم المواد الإباحية مفهوما مرئيا مشوهًا يجسِّدُ العلاقة الحميمة تجسيدا خاطئا لدى الفرد، مما يؤدي بدوره إلى تشويه منظوره وسلوكياته تجاه الجنس، فهي تمثل معول هدمٍ رئيسي للحياة الزوجية والأسرية، ويمتد تأثيرها الهدام ليطال الأطفال، بل وحتى سعادة أفراد المجتمع.

وقد شرع علماء الاجتماع وباحثي علم النفس السريري وعلماء الأحياء في تفسير بعض الآثار الاجتماعية والنفسية الناتجة عن إدمان مشاهدة المواد الإباحية، كما شرع علماء الأعصاب في التصوير الدقيق لطرق التفاعل الحيوي التي تتسبب بها المواد الإباحية من حيث التأثير البالغ والهادم على أداء الفرد والمجتمع.

 

تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الدماغ

تشوه مشاهدة المواد الإباحية سلوكيات ومفاهيم الفرد تجاه ماهية العلاقة الحميمية السوية تشويها عظيما، حيث يزيد مستوى تقبل الرجال المدمنين لمشاهدة تلك المواد الإباحية للسلوكيات الجنسية غير السوية والاعتداءات الجنسية والزنا، بل وحتى الاغتصاب، كما تصبح نظرتهم تجاه النساء والأطفال نظرة بهيمية باعتبارهم سلعا أو أدواتٍ لتفريغ شهواتهم الجنسية، لا بشرا ذوو قيمة وكرامة إنسانية.

 

تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الصحة الجسدية

تتسبب مشاهدة المواد الإباحية في الإدمان المفرط، ويعود السبب في ذلك إلى أساسٍ حيوي، حيث يحفز إفراز هرمون الدوبامين أثناء مشاهدتها مراكز المتعة في الدماغ. كما يزيد مستوى التحرر الجنسي الناجم عن إدمان مشاهدة المواد الإباحية من خطر قابلية الإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق الزنا أو الحمل سفاحا والعياذ بالله.

 

تأثير مشاهدة المواد الإباحية على المشاعر العاطفية

توثر مشاهدة المواد الإباحية على حياة الفرد العاطفية، فالرجال المتزوجون الذين يشاهدون تلك المواد الإباحية يشعرون بتدنٍّ في مستوى رضاهم عن علاقتهم الحميمية مع زوجاتهم وعدم ارتباطهم العاطفي الوثيق بهن، كما ذكرت النساء المتزوجات من رجال مدمنين لتلك المواد الإباحية بأنهن يشعرن بخيانة أزواجهن لهن وانعدام ثقتهن بهم وغضبهن جراء ذلك السلوك. إن مشاهدة المواد الإباحية تؤدي غالبا إلى الخيانة وإلى الطلاق، كما تُشعِرُ المراهقين بالخزي وتدني مستوى ثقتهم بأنفسهم وعدم فهمهم الصحيح لماهية العلاقة الحميمية.

 

المقدمة

تمثل العلاقة الزوجية الحميمية الطريقة التي يتناسل بها البشر ليظل الجنس البشري على قيد الحياة جيلا بعد جيل، فهي وسيلة تشبه الطاقة النووية في قوتها التي إما أن تُوظَّف في الخير أو الشر. كما أن المجتمعات المزدهرة تحافظ على استقرارها بِحثّ الشباب على الزواج لتفريغ طاقتهم الجنسية، حيث يعتبر الزواج مؤسسة تشرّع العلاقة الحميمة وتصون الأبناء الذين هم نتاجٌ لها، إضافة إلى توجيه تلك المتعة الجنسية لكلا الطرفين بطريقة تنمِّي المجتمع بدلاً من أن تهدمه. وتُعدّ المحظورات الجنسية أحد الطرق السليمة والمنطقية لضبط الرغبات الجنسية لأفراد المجتمع، حيث يشبه دورها دور قضبان التحكم في محطة المفاعل النووي، فهي تمنع الطاقة الجنسية من الانحراف عن مسارها الصحيح نحو مسارات مدمرة.

تمثِّلُ محاولة ضبط جيل الشبابِ في المجتمع لشهواتهم الجنسية المتقدة واحدةً من أكبر التحديات التي يواجهونها، حيث يحاولُ البعضُ منهم تجربة مدى قدرتهم في التعبير عن شهواتهم الجنسية رغم أنف القوانين الاجتماعية الصارمة المفروضة لضبط الممارسات الجنسية المجتمعية، ففي المجتمعات ذات القوانين الصارمة المتعلقة بضبط الممارسات الجنسية المجتمعية تؤدي تجاربهم تلك إلى ردعٍ اجتماعي آنيٍّ من والديهم ومعلميهم ومجتمعهم.

ولا يكاد ينجحُ هذا الردع في مجتمعنا اليوم الذي يعج بوسائل الإعلامِ سوى في أوساط صغيرة جدا، حيث يعد نمو الإعلام الرقمي والإنترنت عاملاً مهماً في هذا التغيير. وقد أدت هذه الثورة الرقمية إلى تحقيق تقدمٍ كبير في الإنتاجية والتواصل والكثير من الأهداف المرجوة، ولكن من المؤسف أن مروجي المواد الإباحية استغلوا هذا التقدم الرقمي وجندوا طاقاتهم لخدمة مصالحهم الدنيئة والتكسب من وراء المحتوى الجنسي الذي ينشرونه عبر فضاء الإنترنت، فكان ثمن ذلك الاستغلال زيادةً في مستوى ضعضعةٍ أفراد المجتمع وأُسَرِه، وهو الأمر الذي يشكل مصدر قلقٍ بالغٍ لنا جميعًا. كما تبرهن العلوم الاجتماعية مدى صحة هذا القلق من تفشي المواد الإباحية الرقمية.

 

وفي تقريرين نُشِرا مؤخرًا – أحدهما للجمعية الأمريكية لعلم النفس ويتناول موضوع الفتيات المفرطات في ممارسة الجنس، والآخر للحملة الوطنية للحيلولة دون حمل المراهقات ويتناول موضوع المحتوى الإباحي النصي للمراسلات الهاتفية المتنقلة بين المراهقين- تبين أن المراهقين والأطفال يستغلون الثورة الرقمية لاختراق القيود التي يفرضها الوالدين على المحتوى الجنسي.

تشكِّلُ المواد الإباحية أذى وبلاءً على جميع أفراد المجتمع من الشباب والأطفال والأزواج والعائلات، فهي تعيق النمو الجنسي الصحي للمراهقين والمراهقات، وتشوه السلوكيات الجنسية والواقع المجتمعي للشباب والشابات، كما تؤدي كثرة مشاهدة المواد الإباحية على نطاق الأسرة إلى نقص الإشباع العاطفي بين الأزواج وإلى الخيانة والانفصال والطلاق. إن المجتمع ليس بمنأى عن التأثير السلبي للمواد الإباحية، فمثلا، لا يشترك غالبية مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال في مسألة مشاهدة المواد الإباحية فحسب، بل في نشرِها.

 

إن التأثير السلبي الفتاك لمشاهدة المواد الإباحية كفيلٌ بتدمير علاقات الأفراد والأزواج والأسر، حتى وإن كانت تلك العلاقاتٍ تتسم بالود فيما بينهم، سواء كانت العلاقة بين الأم والأب أو بين الوالدين وأبنائهما، لكن العلاقات الأسرية المليئة بالعطف والمحبة تسهم في قطع الطريق على عدد من الأسباب التي تحث الفرد على اللجوء إلى مشاهدة المواد الإباحية قبل أن يتمكن تأثيرها الإدماني الفتاك من التغلغل في حياته. سنتناول مسألة التأثير السلبي لمشاهدة المواد الإباحية المستمر على الأزواج والأسرة أولا، لما يترتب على ذلك من أضرار بالغة بأولئك الجاهلين بعواقب هذه الممارسات؛ ثم سنستعرض دلائل تلك الأضرار من حيث الأثر الذي تسببه تلك المواد الإباحية على مشاهديها وعلى أرواحهم وسلوكياتهم؛ وبعد ذلك سنصف وصفا دقيقا للجوء المراهقين إلى مشاهدة هذه المواد الإباحية وأنماط تلك المشاهدة وأثرها عليهم، كونهم يكتسبون تلك العادة في هذه الفترة على مراحل؛ ثم سنستعرض أخيراً أثر الإتجار ذو التوجه الجنسي على البيئة المحلية.

 

 

2. العواقب الأسرية المترتبة على مشاهدة المواد الإباحية

تؤثر مشاهدة المواد الإباحية تأثيراً خطيرًا على جميع أفراد الأسرة بمختلف أعمارهم، حيث إنها تؤثر نفسيا على الطفل الذي يشاهدها في محيطه الأسري وتزيد من خطورة تنامي نظرته السلبية إزاء طبيعة النشاط الجنسي البشري والغرض منه. أما بالنسبة للمراهقين فإن مشاهدتهم للمواد الإباحية تغير نظرتهم الجنسية تجاه ميولهم وميول الشريك الجنسي وتتشكل توقعاتهم وسلوكياتهم الجنسية وفقاً لذلك، كما أن مشاهدة الأشخاص البالغين لتلك المواد الإباحية تنتج عنها آثارٌ وخيمة وهادمةٌ للحياة الزوجية.

 

أ. تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الأطفال

إن لمشاهدة الوالدين للإباحية تأثيرات عديدة ومحيِّرة لأطفالهم الصغار، فهي تُفقدهم حنان ودفء الحياة الأسرية العاطفي الذي يعد مصدرا فطرياً واجتماعياً في غاية الأهمية لنمو الطفل.

كما أن هناك أضرارٌ وصدماتٌ نفسية أخرى تنتج عن تعرُّضِ الطفل لمشاهدة المحتوى الإباحيّ في عمرٍ صغير، حيث تتضمن ما يلي:

  • مشاهدة الطفل بالصدفة لمواد إباحية اقتناها أحد والديه.

  • مشاهدة الطفل بالصدفة لأحد والديه وهو يمارس العادة السرية.

  • سماع الطفل بالصدفة لأحد والديه وهو يجري مكالمة جنسية.

  • مشاهدة الطفل وتعرضه للضغط النفسي في المنزل الناجم عن المقارفات الجنسية عبر الإنترنت.

  • ارتفاع معدل خطر انجراف الأطفال إلى الاهتمام بالبحث عن المواد الإباحية ومشاهدتها.

  • مشاهدة الخلافات بين الوالدين والتعرض لها جراء اقتناء أو مشاهدة أحدهما لتلك المواد الإباحية.

  • التعرض للاستغلال والمتاجرة بالجسد-وخاصة الإناث- وتحويلهم إلى “أدوات جنسية”.

  • زيادة خطر خسارة الوالدين وظيفتهما أو أحدهما والتعرض إلى ضائقة مالية جراء اقتناء أو مشاهدة تلك المواد الإباحية.

  • زيادة خطر انفصال الوالدين أو حدوث الطلاق بينهما.

  • إهمال كلا الوالدين للأطفال بسبب إدمان أحدهما على المواد الإباحية وانشغال الآخر بشريكه المدمن لها.

كما قد يفشي بعض الوالدين لأطفالهم عن معاناتهم مع إدمان المحتوى الإباحيّ عمدا أو سهوا، مما يؤدي إلى انحراف تكوين أطفالهم الجنسي.

 

ب. تأثير مشاهدة المواد الإباحية على المراهقين 

إن مشاهدة المراهقين للمواد الإباحية تتسبب في نشوء حيرتهم أثناء مرحلة تطور تكوين نموهم الجنسي، في الوقت الذي يتعين عليهم فيه أن يتعلموا الطريقة الصحيحة للتعامل مع رغباتهم الجنسية، فضلا عن كونهم  أكثر عرضة للحيرة والشك في معتقداتهم الجنسية وقيمهم الأخلاقية. وقد اكتشفت دراسة أجريت على 2,343 مراهقٍ بأن المواد الإباحية الواضحة علنا زادت كثيرًا من التباس مفاهيم المراهقين عن الجنس، وأظهرت الدراسة أيضًا أن مشاهدة المواد الجنسية الواضحة علنا على الإنترنت بكثرة زاد من سلوكياتهم المستحسِنة لإقامة العلاقات الجنسية المحرمة وانخفاض مستوى التزامهم بالحياة الزوجية وشركاء حياتهم. وتوصلت دراسة أخرى أجراها الأستاذ الدكتور تود جي موريسون في علم النفس في جامعة ساسكاتشوان وعدد من الباحثين أن كثرة مشاهدة المراهقين للمواد الإباحية المستمر أدى إلى انخفاض تقديرهم لأدائهم الجنسي، كما وجدوا علاقة وطيدة بين مشاهدة المراهق المستمر للمواد الإباحية وشعوره بالوحدة والاكتئاب الشديد.

 

وختاما فإن مشاهدة المراهقين والمراهقات للمواد الإباحية تولِّد لديهم الشعور بالخزي، فقد توصلت دراسة أجريت على طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بأن غالبية من كانوا يشاهدون المواد الإباحية شعروا ببعض الخزي لمشاهدتهم لها، في حين أجاب ٣٦٪ من الذكور و٢٦٪ من الاناث أنهم لم يشعروا بالخزي أبدا جراء مشاهدتهم لتلك المواد الإباحية، مما أعطى فكرة عن مستوى تبلد مشاعرهم إزاء مشاهدة المواد الإباحية الذي وصل إليه المجتمع بالفعل.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن كثرة مشاهدة المراهقين والمراهقات للمواد الإباحية تؤثر على سلوكياتهم، حيث ترتبط مشاهدة المراهقين الذكور للمواد الإباحية ارتباطًا كبيرًا بارتفاع معدل إقامتهم للعلاقات الجنسية العابرة مع صديقاتهم، حيث يُعزَا ذلك على الأرجح  إلى ثقافة إقامة العلاقات الجنسية العابرة المنتشرة بين المراهقين والمراهقات في الغرب.

وتمثل مشاهدة المحتوى الجنسي للمواد الإباحية عاملاً مهمًا لنشوء حمل المراهقات، فقد توصلت دراسة طولية استغرقت ثلاث سنوات أن المشاهدة المستمرة للمحتوى الجنسي في التلفاز كان مرتبطٌ ارتباطا كبيرًا بحمل المراهقات خلال السنوات الثلاث التالية، كما توصلت تلك الدراسة إلى تضاعف احتمالية حمل المراهقات بمعدل بمرتين عندما شاهدن مستوى عالٍ من مشاهد جنسية ضمن تلك الحلقات التي شاهدنها.

 

ج. تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الحياة الزوجية:

 

الاستياء من العلاقة الزوجية:

تتسبب مشاهدة المواد الاباحية في انهيار العلاقة بين الزوجين وتصيب الزوجات بالحزن والكآبة، فقد صرح العديد من الأزواج بأن محبتهم لزوجاتهم خفت بريقها بعد فترات طويلة من مشاهدتهم لتلك المواد الإباحية، وأصبحت ميولهم الجنسية تصبو نحو أولئك النساء اللاتي يظهرن في تلك المشاهد الإباحية، مما أدى إلى كسر قلوب زوجاتهم والتسبب في ندوب نفسية غائرة لهن، فغالباً ما تشتكين من الشعور بخيانة أزواجهن والغبن وانعدام الثقة بأنفسهن والدمار النفسي والغضب كردة فعل منهن إزاء اكتشاف ممارسات أزواجهن الجنسية الإباحية عبر الإنترنت، حينها تشعرن بأنهن غير جميلات ولا يمتلكن الجاذبية أو أنهم لا يتمتعن بالقدرة الجنسية الكافية، وقد يصبن بالاكتئاب الشديد عندما يدركن أن أزواجهنّ يشاهدون المواد الإباحية، حيث ينتهي الأمر ببعضهن إلى اللجوء لعلاجِ إكلينيكي للصدمة النفسية لتجاوزها، فالأمر أكبر من مجرد شعور أولئك الزوجات بالضيق من ممارسات أزواجهن الإباحية فحسب!

 

يركز مدمنو مشاهدة المواد الإباحية على تكوين العلاقات الجنسية التي تخلو من المشاعر والعواطف، حيث تعاني زوجاتهن من عدم تفاعل أزواجهن الحميمي أثناء ممارسة العلاقة الجنسية، فغالبًا ما يماثل الضرر الذي يحدثه التباعد العاطفي الذي تنمِّيه مشاهدة المواد الإباحية والجنس عبر الإنترنت الإضرار بالحياة الزوجية الواقعي كالخيانة الزوجية، حيث يميل كل من الرجال والنساء إلى اعتبار النشاط الجنسي عبر الإنترنت مماثلا للخيانة الزوجية.

كما يؤدي النفور والتباعد بين الزوجين بسبب مشاهدة المواد الإباحية إلى عواقب محسوسة، فعندما تصل نسبة مشاهدة أحد الزوجين للمواد الإباحية إلى مستوى الإدمان يفقد ٤٠٪ من “مدمني الجنس” شريك حياته، كما يعاني ٥٨٪ منهم من خسائر مالية كبيرة، بينما يفقد ثلثهم وظائفهم التي هي مصدر رزقهم.

 

توصل الباحثون في دراسة عن تأثير الجنس عبر الإنترنت إلى أن أكثر من نصف الأشخاص الذين يقترفونه قد فقدوا رغبتهم في ممارسة العلاقة الجنسية وكذلك اعترى ثلث شركاء حياتهم ذات الشعور، في حين تدنى مستوى الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية لدى خُمس الأزواج لكلا الشريكين؛ أي أن هذه الدراسة أثبتت أن ثلث الأزواج فقط استمرت رغبتهم بممارسة العلاقة الجنسية مع بعضهم البعض في الفترة التي  كان أحدهما مقترفا للجنس عبر الإنترنت.

 

كما أن مشاهدة المواد الإباحية على مدى فترات طويلة يسبب الاستياء والنفور من مشاعر المحبة بين الزوجين، فيصبح ذلك الشريك منتقدًا ومتهكِّما على التعبير عن الحب والمشاعر بين الزوجين لاعتقاده بأنه يمكن تحقيق أعلى مراحل اللذة الجنسية دون وجود أي عاطفة بينهما، كما تشمل هذه العواقب كلا الجنسين ممن يشاهدون المواد الإباحية على مدى فترات طويلة، وينخفض معدل استمتاع الشخص بالعلاقة الجنسية الذي يُعزا في المقام الأول إلى ازدياد استيائه من السلوك الجنسي الطبيعي مع شريك حياته.

وختاماً، يزداد اعتقاد مشاهدي المواد الإباحية بأن الحياة الزوجية تقيدهم جنسياً، ويقللون من أهمية الإخلاص لشريك الحياة، كما يشككون في قِيمة الزواج الذي يعتبر نواة المجتمع وفي قابلية استمراريته مستقبلا، وجميع ذلك يؤدي بطبيعة الحال إلى تقليلهم من أهمية وجود علاقات أسريه ناجحة.

 

ارتفاع معدلات الخيانة الزوجية:

أفاد الأستاذ دولف زيلمان من جامعة ألاباما في دراسة أجراها عن المراهقين أن الإفراط في مشاهدة المحتوى الإباحي يؤدي إلى الخيانة الزوجية، كما أثبت الأستاذ ستيفن ستاك من جامعة ولاية وين وأساتذة آخرون لاحقاً أن مشاهدة المحتوى الإباحي زاد من معدل الخيانة الزوجية بنسبة تفوق 300 %، وتوصلت دراسة أخرى إلى أن هناك علاقة وثيقة بين مشاهدة المواد الإباحية على الإنترنت والسلوكيات الجنسية المتحررة، كما توصل الأستاذ ستيفن ستاك في دراسة أجراها إلى أن نسبة مشاهدة المواد الإباحية ازدادت بمقدار ٣.٧ مرات لدى أولئك الذين اقترفوا الزنا مع المومسات مقارنة بمن اجتنبنه.

وتؤدي ممارسة الجنس عبر الإنترنت إلى زيادة معدل الخيانة الزوجية لدى النساء، حيث كان معدل مقارفتهن للزنا في الحياة الواقعية بنسبة ٤٠٪ مقارنة بغيرهن من النساء اللواتي اجتنبنه.

 

الفُرقة بين الزوجين والطلاق

بناء على ما توصلت إليه الأبحاث المذكورة آنفا فليس من المستغرب أن يساهم إدمان مشاهدة المواد الإباحية في الفرقة بين الزوجين والوصول إلى الطلاق، فهناك دراسة أولية تعتبر الأفضل حتى يومنا الحاضر وأجريت على تقارير المحامين المتخصصين في حالات الطلاق للبحث عن أبرز العوامل المؤدية إليه بناء على القضايا التي باشروها، حيث أوردت أن نسبة ٦٨٪ من حالات الطلاق كانت بسبب تعرُّف أحد الزوجين على عشيق جديد عبر الإنترنت، و٥٦٪ منها كانت بسبب اهتمام وهوس أحد الزوجين بالمواقع الإباحية، و٤٧٪ منها كانت بسبب انشغال أحد الزوجين بقضاء وقت طويل جدا على الإنترنت، بينما كانت نسبة ٣٣٪ من حالات الطلاق بسبب انشغال أحد الزوجين في قضاء وقت طويل جدا في غرف الدردشة في منتديات جنسية مشهورة، وكانت ممارسة الجنس عبر الإنترنت التي عادة ما تحدث في غرف الدردشة تلك عاملاً رئيسياً في التسبب بالطلاق والافتراق بين الزوجين، حيث لوحظ أن أكثر من 22٪ من الأزواج قد تركوا العيش مع شركاء حياتهم المدمنين على ممارسة الجنس عبر الإنترنت، وفي كثير من الحالات الأخرى كانوا يفكرون بجدية بالطلاق أو الافتراق.

 

 

3.الفرق بين الجنسين بالنسبة لإدمان المواد الإباحية

تؤثر مشاهدة  المواد الإباحية على كلٍّ من الرجال والنساء، ولكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين الرجال والنساء تتعلق باحتمالية الميل إلى إدمان المواد الإباحية وأنواع تلك المواد الإباحية ومشاعرهم تجاهها.

 

  • اختلاف مستوى معدلات وأنواع إدمان المواد الإباحية بين الجنسين:

يختلف تعاطي المواد الإباحية بين الجنسين، فاحتمالية مشاهدة الرجال لها تزيد عن النساء بمعدل ستة أضعاف المرات، ويقضي الرجال على الأرجح وقتًا أطول في مشاهدتها.

وفي دراسة أُجريت على مدمنات الجنس عبر الإنترنت اللاتي صرحن بذلك دون الكشف عن هويتهن، فقد أفدن بأنهن يفضلن مقارفة الجنس عبر الإنترنت في إطار العلاقات العاطفية الإلكترونية عبر البريد الإلكتروني أو غرف الدردشة بدلاً من مشاهدة الصور الإباحية، وهذا التفضيل يسهم في الفرق الكبير بين تلك النتيجة وبين ما توصلت إليه إحدى الدراسات بشأن نسبة النساء اللواتي يمارسن علاقات جنسية واقعية مع رجال تم التعارف بينهم عبر الإنترنت مقارنة بالرجال، حيث أفادت أن نسبة 80٪ من النساء اللاتي يمارسن هذه الأنشطة الجنسية على الإنترنت يمارسنها أيضًا في علاقات جنسية واقعية مع الرجال الذين تعرفن عليهم عبر الإنترنت مقارنة بنسبة أقل بكثير من الرجال، حيث بلغت 33% . وكما ذكر أعلاه، فعلى الأرجح أن أولئك النسوة لديهن كثيرا من هذه العلاقات الجنسية. وفي دراسة أخرى أجريت على الرجال الذين يعاكسون النساء في غرف الدردشة عبر الإنترنت، فقد ذكر 78٪ منهم بأنهم اقترفوا ممارسة الجنس واقعيا لمرة واحدة على الأقل مع نساء تعرفوا عليهن عبر أحدى غرف الدردشة في العام الماضي. وبالتالي يبدو أن نسبة عالية جدًا من الجنسين الذين يقارفون الجنس عبر الإنترنت سيستمرون في تكرار ذلك واقعيا مع من تعرفوا عليهم وقارفوا معهم الجنس افتراضيا.

 

كما توصلت دراسة أجريت على مدمني الجنس من الرجال إلى أن 43٪ منهم اقترفوا الجنس عبر الإنترنت كوسيلة للحصول على علاقة جنسية لم يكونوا ليحصلوا عليها بطريقة أخرى. وفي دراسة أخرى بينت تقارير شخصية من المشاركين عن ازدياد رغبتهم في تجربة طرق جنسية جديدة في العلاقات الواقعية بسبب ازدياد مشاهدتهم للمواد الإباحية وعلاقاتهم الجنسية عبر الإنترنت.

 

 

  1. العواقب المترتبةُ على مشاهدة الفرد للمواد الإباحية

تُغير مشاهدة المواد الإباحية طريقة تفكير متعاطيها وشخصيته، حيث تسهل اعتياده عليها وتبلد مشاعره إزاء مشاهدتها، وتجعله يشعر بالمللِ، ويكتسب نظرة منحرفة تجاه واقع المجتمع، وينظر إلى النساء نظرة مهينة تركز على أجسادهن فحسب، كما يتأثر مستوى الإثارة الجنسية لمقترفي هذه العادة فيصبحوا بحاجة إلى قدر أكبر من التحفيز الجنسي، وبالتالي يؤدي ذلك إلى اتباعهم طرقًا أكثر انحرافًا لإشباع رغباتهم الجنسية.

 

  • تبلد الشعور والتعود والملل:

يؤدي تعاطي المواد الإباحية المستمر لأي من الجنسين على مدى فترة طويلة إلى التعود والملل وعدم القدرة على إشباع الرغبة الجنسية، كما أن له علاقة وثيقة بتبنيهم آراء متحررة عن الزنا وأن الجنس هو للمتعة فحسب. وقد توصلت دراسة أجريت في عام 2000 على طلاب جامعيين في السنة الأولى إلى أن تعاطي المواد الإباحية المستمر يؤدي إلى تعود الفرد على المشاهد الجنسية الصريحة، مما يتطلب مشاهدته لمواد إباحية شاذة وغير مألوفة حتى يحقق نفس مستوى الإثارة الجنسية للمشاهد السابقة، فعلى سبيل المثال، يؤدي التعود على المشاهد الإباحية إلى مشاهدة صور للجنس الجماعي والممارسات الجنسية السادية والمعاشرة الجنسية البهيمية للحيوانات، إضافةً إلى ممارسة الجنس من الدبر والاستهانة بـصور التحرش الجنسي السطحي للأطفال.

تماشت صناعة المواد الإباحية مع تلك الرغبات لتقدم لمدمني المشاهد الإباحية مزيدًا من المشاهد الإباحية الشاذة وغير المألوفة، حيث أظهر تحليلٌ لمحتوى ثلاث مجلات إباحية منذ عام 1953 وحتى 1984 عن 6,004 صورة جنسية للأطفال و14,854 صورة إضافية تمثِّل الجريمة أو العنف، وعلاوة على ذلك فقد كانت حوالي ثلثي صور الأطفال تلك جنسية وعنيفة، فمعظم تلك الصور تَعرض فتيات تتراوح أعمارهن بين ثلاث إلى إحدى عشرة سنة، وقد قدمت كل من هذه المجلات الثلاثة مناظر الأطفال كما لو أنهم غير متأذين من المشهد الجنسي، بل وحتى مستفيدين منه.

يؤدي إدمان مشاهدة المواد الإباحية بالرجل إلى الشعور بأن زوجته لا تمتلك ما يكفي من الجاذبية الجنسية، مما يؤدي إلى شعوره بالاستياء من تعبيرها عن حبها له ومن مظهرها وسلوكها الجنسي معه، وقد تسبب حاجته الملحة للمحفزات الجنسية التي تعرضها المواد الإباحية إلى شعوره بالملل من علاقاته الزوجية السوية، وبذلك يلتجئ إلى البحث عن المتعة الجنسية خارج إطار الزواج. كما توحي المشاهدة المتكررة للمواد الإباحية إلى الشخص بالتفكير بمقارفة الزنا والاستمتاع بالعلاقات الجنسية العابرة والاقتناع بضرورة تجربتها، وبالتالي يصبح لديه تقبل كبير للتحرر الجنسي.

 

 

ب. اكتساب نظرة مغلوطة تجاه الواقع

تُظهر المواد الإباحية الجنس كممارسة رياضية ذات متعةٍ بريئة ليس لها أي تأثير يُذكر على مشاعر ومفاهيم وصحة الفرد الجسدية والنفسية، ولكن الأمر ليس كذلك، حيث تؤدي مشاهدة الفرد للمواد الإباحية إلى غرس أفكار مغلوطة في ذهنه عن واقع الحياة الاجتماعية، مما يجعله يعتقد بأن الناس مهووسون بالجنس عموما، ويظن ظنا خاطئا بانتشار الزنا قبل الزواج وخارج نطاق الزواج وارتفاع نسبته بين الجنسين، كما يتصور تصورا مبالغا فيه بارتفاع معدل حدوث الأنشطة الجنسية التي يمارسها البالغون النشِطون جنسيًا وأن الانحراف الجنسي منتشر انتشار النار في الهشيم، مثل الجنس الجماعي والجنس البهيمي مع الحيوانات والجنس السادي العنيف، وبالتالي فإن تلك التصورات والمعتقدات التي تتشكّل في ذهن من يشاهد المحتوى الإباحي تظل بعيدة كل البُّعد عن الواقع، كما أثبتت دراسات بأن المشاهدة المتكررة لهذا النوع من المحتوى يسبب أمراضا عقلية تخص كل ما يتعلق بالأمور الجنسية.

وتؤدي هذه المفاهيم المنحرفة إلى تسليم الفرد بثلاث اعتقادات، أولها أن العلاقات الجنسية مخصصة للمتعة بطبيعتها فحسب، وثانيها أن الرجال تسيرهم غريزتهم الجنسية، وثالثها أن النساء لسن سوى وسيلة لتفريغ الشهوة الجنسية أو مجرد أجساد بلا روح كالسلع. تلك المعتقدات تسمى بالمعتقدات المسوِّغة، لأن مدمن الإباحية يرى بأن سلوكه الجنسي غير السوي هو أمر طبيعي ومقبول وشائع، لذا فهو لا يضر الآخرين، فتتأصل وتترسخ في ذهنه أثناء ممارسته للعادة السرية وهو يشاهد المواد الإباحية، وهو أمر يتكرر حدوثه بين الذين يشاهدون هذه المواد الإباحية لتفريغ شعورهم بالضغط النفسي. كما أن اعتقاد مشاهدي المواد الإباحية من الجنسين بأن ما يفعلونه لا يؤثر على مفاهيمهم وآرائهم وحياتهم يسهل اكتسابهم للممارسات الجنسية غير السوية ويزيد من احتمالية تطبيقهم لتلك السلوكيات الجنسية المنحرفة.

تسبب جميع هذه الأفكار المغلوطة التي تقدمها المواد الإباحية عن الجنس سوء فهم خطيرٍ لطبيعة العلاقة الجنسية والعلاقة بين الزوجين، وكذلك تقدِّم أفكارا مغلوطة لمدمن الإباحية عن طبيعة الحياة الاجتماعية، كما يميل الذين يعتقدون بأن المشاهد الجنسية الإباحية هي مثالٌ واقعيّ إلى القبول بالتحرر الجنسي أكثر من غيرهم، ثم إن إدمان مشاهدة المواد الإباحية يؤدي إلى الاعتقاد بأن قلة ممارسة الجنس تشكّل خطرًا على صحة الفرد.

 

ج. امتهان المرأة وتسليعها

تعزِّزُ مشاهدة المواد الإباحية فكرة القبول بأمر امتهان المرأة، ونظرا لكون مدمني مشاهدة المواد الإباحية هم من الرجال أكثر من الإناث فإن مشاهدتهم للمواد الجنسية الصريحة والتلميحية عبر الإنترنت وفي المجلات وعبر شاشات التلفاز مرتبطٌ ارتباطا وثيقًا بفكرة تسليع النساء والنظر إلى أجسادهن فحسب، لذا فغالبا ما يصف أولئك الرجال الذين يتلقون تلك الأفكار النساء بعباراتٍ جنسيةٍ صريحةٍ بدلا من وصفهنَّ بسمات شخصية أخرى.

 

وفي دراسة أجرتها جلوريا كوان أساتذة علم النفس في جامعة ولاية كاليفورنيا في سان برناردينو وزملاؤها على الأفلام واسعة الانتشار المخصصة للبالغين، فقد حددت تلك الدراسة مدى وحجم الهيمنة وعدم المساواة الجنسية التي تصور النساء في مجموعة عشوائية من الأفلام المعروضة للتأجير في محلات تأجير الأفلام العائلية في كاليفورنيا. وقد كان الاعتداء الجسدي على النساء حاضرا في 73 في المائة من الأفلام، أما مشاهد اغتصابهن فقد مثلت 51 في المائة من مجموع تلك الأفلام، حيث كانت المرأة تمثل دور الضحية في جميع تلك المشاهد. كما أظهرت تلك الأفلام عدم المساواة في الأدوار بين الجنسين، فعادة ما كانت تصور الرجال في دور مهني يليق في الوقت الذي كانت النساء تمثلن أدوار طالباتٍ أو سكرتيرات أو ربات بيوت. أما بالنسبة للمشاهد الجنسية فعادة ما كان الرجل يظهر مرتديا بعضا من لباسه على الأقل، أما المرأة فكانت تظهر عارية تماما في تلك المشاهد.

وقد أجرت جانيت نوريس من جامعة واشنطن دراسة قرأ فيها مجموعة من الطلاب نسختين من نفس القصة، حيث تحكي مشهدا لامرأة تتعرض للاغتصاب، ولكن كل نسخة كانت لها نهاية مختلفة، فأحداها انتهت بامرأة حزينة جدّا جراء تعرضها للاغتصاب، أما النسخة الأخرى فقد انتهت بالمرأة وهي تستمع بمشهد الاغتصاب. ورغم تطابق جميع أحداث القصتين باستثناء ردة فعل المرأة في نهايتهما، فإن نظرة الطلاب إلى السيناريو الذي يصور المرأة مستمتعة بالاغتصاب كانت نظرة إيجابية، حيث كانت وجهة نظرهم أن المرأة المغتصَبة تزداد رغبتها في ممارسة الجنس، وبالتالي فقد كانوا متقبلين أكثرَ لفعلةِ الرجل المغتصِب.

وقد تجلَّت نتائج مماثلة لتلك المعتقدات بين الشباب الذين يدرسون في المرحلة الجامعية، حيث توصلت سارة مورنين من كلية كينيون بولاية أوهايو إلى أن مجموعات الأصدقاء الذين كانوا يعرضون كثيرا من الصور الإباحية للنساء في غرفهم هم الأكثر ميلا لارتكاب جرائم الاغتصاب من أولئك الشباب الذين كانوا لا ينتمون إلى تلك المجموعات.

عادة ما تميل النساء إلى اعتبار مشاهد المواد الإباحية مهينة لهن أكثر من الرجال، فعندما سُئلت عينة من الطلاب والطالبات عن مشاعرهم تجاه مشاهدة المواد الإباحية ذكرت 72 %  من الشابات بأنهم شعرن بالسوء إزاءها مقابل 23 % فقط من ذات الإجابة للشباب. كما أن ما يقارب 90% من الشابات أجبن بالموافقة عند سؤالهم عما إذا كانوا يرون بأن مشاهد تلك المواد الإباحية كانت مهينة مقابل 65 % فقط من الشباب الذين أجابوا بنفس الإجابة.

 

إن مشاهدة المواد الإباحية لفترة طويلة يؤول بمدمنيها من الرجال خاصةً وكذلك من بعض النساء إلى التقليل من شأن خطورة الاغتصاب الذي يُعَدُّ جريمةً جِنائية.

وسواء اعتقدت النساء بأن المواد الإباحية مُهِينة أم لا، فإن من اعتدن منهن على مشاهدة المواد الإباحية تتكون لديهن أفكار سلبية عن ذواتهن، فتشعرن بعدم الرضا والاستياء من أنفسهن كون أجسادهن لا تماثل مستوى أجساد المومسات في تلك المشاهد التي تعرضها المواد الإباحية.

 

  1. النتائج المترتبة على مشاهدة المواد الإباحية من منظورٍ طبي

إن لإدمان المواد الإباحية تداعياتٍ أكبر بكثيرٍ من مجرد تلك التداعيات النفسية والأسرية، فهناك كثيرٌ من النتائج المترتبة على تلك الممارسة السيئة، ومنها ارتفاع مستوى خطورة تعرض مدمنيها إلى مشاكل صحية جسدية وعقلية خطيرة، وكذلك ارتكاب جرائم جنسية.

  • الأمراض المنقولة جنسيا وحمل السفاح:

يواجه مدمني المواد الإباحية خطرا كبيرا محتملا للإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر ممارسة الزنا والحمل سفاحًا، كون محتوى تلك المواد الإباحية يجرِّئ مشاهديه على ممارسة السلوكيات الجنسية المتحررة، كما أن اعتياد المشاهد الإباحية التي تصوّر ممارسة العلاقة الجنسية يفتح على الأشخاص المنحلّين جنسيا أبواب الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، وكذلك إنجاب الأطفال سفاحا وتعدد العلاقات الجنسية المحرمة شرعا، كما يفضي إدمان المواد الإباحية إلى فرط الرغبة الجنسية الذي يضاعف احتمالية إصابة المدمن بالأمراض المنقولة جنسيا.

 

  • إدمان ممارسة الجنس:

تعتبر مشاهدة المواد الإباحية وممارسة الجنس عبر الإنترنت من أكبر مسببات إدمان ممارسة الجنس، حيث تؤدي إلى الإفراط في الرغبة الجنسية التي تؤثر على قدرة الشخص ونشاطه المبذول لإنجاز أمور حياته، ويعتقد ما يفوق ٩٠٪؜ من معالجي الأشخاص المتضررين من إدمان الإباحية الذين شملهم استطلاع للرأي في إحدى الدراسات أن هناك قابلية لإدمان الشخص على الجنس عبر الانترنت.

وفي دراسة استقصائية أمريكية بلغ معدل مدمني مشاهدة المواد الإباحية الذين اقترفوا ممارسات جنسية عبر الإنترنت لتفريغ شعورهم بالضغط النفسي 57 %، كما توصلت دراسة سويدية أجريت عام 2006 على مدمني المواد الإباحية عبر الإنترنت إلى أن حوالي 6%  كانوا مدمنين ويعانون من الإفراط في الرغبة الجنسية، حيث مارسوا أنشطة جنسية أكثر في حياتهم الواقعية أيضا.

ويؤدي إدمان الممارسات الإباحية إلى تدني شعور الشخص باحترامه لذاته وعدم قدرته على ممارسة حياته الاجتماعية والعملية ممارسة طبيعية هادفة، فقد توصلت دراسة استقصائية أجريت على مدمني المواد الإباحية إلى أنهم يكرهون شعورهم بأن وضعهم أصبح خارج نطاق السيطرة وضياع وقتهم بسبب إدمانهم للممارسات الإباحية.، كما صرّح جميع الأشخاص الذين يعانون من سلوك إدماني جنسي قهري أنهم يشعرون بالضيق وعانوا من أضرار تتعلق بجانب مهم من جوانب حياتهم نتيجة لإدمانهم، كما أفاد ما يقارب 50% من الأشخاص الذين يعانون من سلوك إدماني جنسي قهري بأن سلوكياتهم الجنسية المشينة تلك أثرت تأثيرا سلبيا بالغًا على حياتهم الاجتماعية، أما 25% منهم فقد أفادوا بتضررهم وتأثير إدمانهم الجنسي القهري على وظائفهم.

وقد ذكر مدمني الجنس والإفراط الجنسي القهري في دراسة استقصائية أخرى بأن أسوأ ما حدث لهم في حياتهم هو التعرف على عالم الإباحية عبر الإنترنت بمعدل يفوق 23 مرة تقريبا الأشخاص الذين لم يواجهوا تلك المشكلة، إذن فلا عجب من تضاعف حالات الاكتئاب الشديد المرضي المستشرية بين مدمني مشاهدة المواد الإباحية على الإنترنت مقارنة بالأشخاص الطبيعيين.

 

ج.  السلوكيات العدوانية والإيذاء الجسدي:

يرتبط إدمان مشاهدة المواد الإباحية ارتباطًا وثيقًا بممارسة الاعتداء الجنسي، وقد لوحظ ارتفاع في معدل حالات ممارسة العنف أثناء الجنس بين كثير من مدمني مشاهدة المواد الإباحية، بما في ذلك تصديق الأفكار المغلوطة المتعلقة بالاغتصاب المذكورة سابقا. كما أن أكثر محتوى المواد الإباحية يتضمن عرض مشاهدٍ للعنف الجنسي،  فقد توصلت دراسة أُجريت على مختلف وسائل الإعلام الإباحية أن المحتوى الذي يتضمن مشاهد العنف بلغ ما يقارب 25% من صور المجلات وما يفوق 25% من مشاهد الأفلام، وكذلك ما يفوق ٤٢ ٪ من المواد الإباحية على الإنترنت، كما ذكرت دراسة أخرى أن ما يقارب نصف مَشاهد المواد الإباحية المعروضة عبر الإنترنت التي تتضمن عنفا جنسيا شملت مشاهد الإكراه على ممارسة الجنس.

وعندما يدمن الذكور على المواد الإباحية التي تعرض مشاهد العنف الجنسي كمشاهد الاغتصاب أو التعذيب فإنهم يصبحون أكثر ميلا إلى ارتكاب الاعتداءات الجنسية، كما أن تأثير مشاهدة وإدمان المواد الإباحية يشكل خطرًا على الرجال الذين يعانون الاضطرابات العقلية الذين يميلون إلى التصرف وفق غرائزهم.

كما تزيد مشاهدة المواد الإباحية التي لا تتضمن مشاهد للتعنيف الجنسي من رغبة الرجال في الشعور بأهميتهم، وذلك بإجبار شريكات حياتهم اللاتي يمتنعن عن ممارسة العلاقة الجنسية على تلبية رغباتهم الجنسية. ورغم وجود بيانات متباينة حول الآثار المتعلقة بالمواد الإباحية المتضمنة لمشاهد تعنيف جنسي مقارنة بالمواد الإباحية التي تخلو من تلك المشاهد فلا شك بأن إدمان مشاهدة المواد الإباحية يؤدي إلى ارتفاع معدل تبني المدمن للأفكار المغلوطة عن مدى تقبل النساء للاغتصاب، والتي تنطوي على عدم التعاطف مع ضحايا الاغتصاب والتقليل من شأنه باعتباره جريمة جنائية، وعدم التخوف من الاعتداء الجنسي على الأطفال السطحي الذي لا يصل إلى حد الاغتصاب، ورفع مستوى قابليتهم لارتكاب جرائم الاغتصاب.

وأجرت إحدى الدراسات مقابلات شخصية في مركز أزمات الاغتصاب مع ١٠٠ امرأة تعرضن للاعتداء الجنسي لمعرفة ما إذا كان لمشاهدة الجاني للمواد الإباحية دورٌ في أي حوادث سابقة لذلك الاعتداء الجنسي، حيث بلغت نسبة النساء اللاتي لا يعرفن الإجابة ٥٨ %، فيما بلغت نسبة النساء اللاتي أجبن بنعم ٢٨ %.

ومن بين أولئك النساء اللاتي بلغت نسبة إجابتهن 28 % وكن على دراية بإدمان المعتدي عليهم للمواد الإباحية فقد ذكرت 40%  منهن، أو ما يعادل 11% من إجمالي المجموعة أن المواد الإباحية كان لها دور بالفعل في حادثة الاعتداء الجنسي الذي تعرضن له، فقد شاهد المعتدي في عدد من حالات الاغتصاب مواد إباحية قبل اعتدائه الجنسي على المرأة، وفي إحدى الحالات كان المعتدي يشاهد المواد الإباحية أثناء ارتكاب جريمة الاغتصاب، أما في بعض الحالات الأخرى فقد أجبر المعتدي ضحيته على مشاركته في تصوير مقطع فيديو إباحي لهما.

 

 

  • العلاقة بين ارتكاب الجرائم الجنسية ومشاهدة المواد الإباحية:

 

هناك علاقة وثيقة بين مشاهدة المواد الإباحية وارتكاب الجرائم الجنسية

أوردت إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم جنسية عبر الإنترنت بأن أولئك المجرمين كانوا يقضون ما يفوق إحدى عشرة ساعة أسبوعيا في مشاهدة صورٍ إباحية للأطفال على الإنترنت، كما قارنت دراسة أخرى بين مجموعتين من مرتكبي الجرائم الجنسية من المدانين بجمع ونشر صور إباحية للأطفال على الإنترنت ومن ارتكبوا اعتداءات جنسية فعلية على الأطفال، حيث أظهرت النتائج أن غالبية المدانين بارتكاب الجرائم على الإنترنت ارتكبوا أيضا اعتداءات جنسية فعلية على الأطفال، كما توصلت الدراسة إلى أن مرتكبي الجرائم الجنسية الفعلية ارتكبوا معدل ما يفوق 13 جريمة من مختلف جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، وذلك بغض النظر عما إذا كانوا قد أدينوا رسميا بأي حادثة فعلية.

وأظهرت دراسة أجريت على مرتكبي الجرائم الجنسية ومن لم يرتكبوها بأن هناك تفاوت كبير بين ممارساتهم الإباحية أثناء فترة المراهقة وفي الزمن الحاضر، فقد ارتكب عدد كبيرٌ من المغتصبين والمتحرشين جنسيا جرائم أخلاقية فاضحة أثناء فترة مراهقتهم تمثلت في إنتاج المواد الإباحية، مثل تصوير ممارسات إباحية يكره عليها الضحية، حيث إن  33 % منهم كانوا يتحرشون بالأطفال من الجنسين و 39 % منهم كانوا يتحرشون بالأطفال من نفس جنسهم، أما 33 % منهم فقد ارتكبوا جرائم اغتصاب. أما عن ممارسات أولئك الأشخاص الإباحية الفاضحة الحالية فقلت بلغ مجموعهم 67 %  من المتحرشين بالأطفال من الجنس الآخر، و 67 % من المتحرشين بالأطفال من نفس جنسهم، و 83 % ممن ارتكبوا جرائم اغتصاب، وذلك مقارنة بـمعدل 29 % من مشاهدي المواد الإباحية الذين لم يرتكبوا جرائم جنسية مسيئة، وقد ذكر حوالي ثلث مرتكبي تلك الجرائم الجنسية بأنهم كانوا يتعمدون مشاهدة المواد الإباحية لتثير غرائزهم الجنسية وتدفعهم حينها لارتكاب جرائمهم الجنسية.

كما استقصت دراسة أخرى معتقدات ثلاث مجموعات، ألا وهم مرتكبو الجرائم الجنسية ضد الأطفال في الحياة الواقعية بالملامسة، ومرتكبو الجرائم الجنسية ضد الأطفال عبر الإنترنت، ومن تفاوتت جرائمهم بين الحياة الواقعية بالملامسة وعبر الإنترنت، حيث قلل جميع أفراد تلك المجموعات من شأن خطورة جرائمهم، إلا أن مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال عبر الإنترنت كانوا يميلون إلى الاعتقاد بأن الأطفال هم من يقررون التفاعل الجنسي عبر الإنترنت أكثر مما يعتقد مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال في الحياة الواقعية بالملامسة ذلك، بل ويعتقدون أن بعض الأطفال يرغبون بل ويتلهفون إلى الممارسات الجنسية مع الأشخاص البالغين عبر الإنترنت.

 

  1. نتائج دراسات علم الأعصاب الحديثة عن المواد الإباحية

لا تزال الدراسات البحثية في مجال علم الأعصاب عن المواد الإباحية في مرحلة البدايات، ولكن يجلّي لنا علم الفزيولوجيا العصبية الذي يدرس وظائف الجهاز العصبي تأثير المشاهد الإباحية على تكوين عادات مدمنيها المعرفية والعاطفية، كما يتضح جليًّا في عدد من مختلف مجالات الدراسات البحثية في علم الأعصاب أن تكرار الإنسان لعمل أي سلوك يكوّن مساراتٍ عصبية جديدة تسهل عليه الاستمرار في فعل هذه السلوكيات.

كما يوضح لنا بحث آخر أن هناك صلة بين هرمون الدوبامين المسؤول عن تحفيز مشاعر الاستمتاع وبين تأثير الصور الإباحية على مشاهديها، حيث أظهرت فحوصات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (تقنية للتصوير ثلاثي الأبعاد تستعمل في الطب النووي) التي أجريت على فئة من الأشخاص البالغين المدمنين على المواد الإباحية وفئة أخرى من غير المدمنين عليها أن كلتا الفئتين أظهرتا استجابة دماغية عند مشاهدة المواد الإباحية مشابهة لاستجابة مدمني الكوكايين الذين شاهدوا صورا لأشخاص يتعاطون الكوكايين، فجعلت هذه النتائج العلماء يفترضون أن الصور المثيرة عاطفياً تؤثر على الدماغ وتغيره، حيث تتسبب تلك الصور في إحداث مسار ذاكرة كيميائي حيوي يتسم بتأثير فوري لا إرادي ودائم.

وقد حدث مثل ذلك التأثير في دراسة تجريبية مصغرة عُرضت فيها على المشاركين لوحة تحتوي على كلمات جنسية وأخرى عادية، فتذكر جميع المشاركين الكلمات الجنسية أكثر من تذكرهم للكلمات العادية، في حين تذكر أن مدمني المواد الإباحية تذكروا عددا أكبر من تلك الكلمات الجنسية.

 

7. مشاهدة المراهقين للمواد الإباحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

 

أدى التطور غير المسبوق لوسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة أواخر القرن العشرين وإنشاء شبكة الإنترنت خصوصا إلى سهولة الوصول إلى المواد الإباحية والمعلومات الجنسية الأخرى، مما يشكل عقبة كبيرة أمام تطور النشاط الجنسي البشري الصحي ولا سيما لدى الشباب.

وعلى الرغم من أن القلق تجاه المراهقين من الوصول إلى المواد الإباحية عبر الإنترنت يتملك على معظم الوالدين في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى ٧٨٪، ففي الحقيقة أن كثيرا من المراهقين لا يتوجهون إلى ثقافة تلك المواد الإباحية بكل سهولة، بل يشعر معظمهم في البداية بالقلق وعدم الارتياح تجاه أي مشهد إباحي يشاهدونه، فيميلون للشعور بالارتباك والخجل وتتفاوت ردود أفعالهم ما بين مشاعر الخوف والخزي والغضب  والانجذاب إلى تلك المواد الإباحية. وفي أحد استطلاعات الرأي كان حوالي 25% من المجيبين عليها منزعجين للغاية من تلك المشاهد الإباحية ولكنهم لا يميلون إلى الحديث عن ذلك الانزعاج منها.

 

عادة ما يشاهد المراهقون المواد الإباحية عبر الإنترنت بمحض المصادفة، حيث توصلت إحدى الدراسات إلى أن ٧٠٪؜ من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة قد شاهدوا المواد الإباحية عبر الإنترنت مصادفةً، كما درست دراسة أخرى مشاهدة المواد الإباحية غير المرغوب فيها دراسة مستفيضة على ما يقارب ١٥٠١ مراهقا تتراوح أعمارهم ما بين العاشرة والسابعة عشرة، حيث ذكر ٢٦٪؜ منهم بأنهم عندما حاولوا الخروج من المواقع التي لا يرغبون مشاهدة محتواها الإباحي نقلتهم تلك المواقع إلى مواقع جنسية أخرى، كما بينت الدراسة أن ٤٤٪؜ من حالات مشاهدة المواد الإباحية غير المرغوب فيها التي تعرض لها أولئك المراهقين لم يخبروا بها أحدًا.

ورغم ذلك فسرعان ما يختفي شعور أولئك المراهقين بالاشمئزاز الذي يشعرون به في المرة الأولى التي يصادفون فيها مشاهد إباحية، لذلك يميل المراهقون الأكبر سنًّا إلى مشاهدة المواد الجنسية التي تحتوي مشاهد جنسية صريحة أكثر من المراهقين الأصغر سنًّا، كما أنهم يميلون إلى مشاهدة المواد الإباحية عن قصد بنسبة تفوق المراهقين الأصغر منهم سنًّا. وتؤدي مشاهدة المراهقين المتكررة عن غير قصد للمواد الإباحية إلى تلاشي شعورهم بالخزي والاشمئزاز وتفسح لهم المجال للاستمتاع بها بدلا من ذلك.

 

وقد أثبتت دراسة استطلاعية نُشِرت عام ٢٠٠٥ صحة مخاوف الوالدين من أن مشاهدة أبنائهم المراهقين للمواد الإباحية عن غير قصد يؤثر عليهم سلبا ويجعلهم يبحثون عن المزيد من ذلك المحتوى الإباحي، حيث بلغ عدد المراهقين المشاركين في تلك الدراسة الذين أجابوا بأنهم شاهدوا المواد الإباحية عن غير قصد ما يقارب أكثر من ضعف عدد المرات التي ذكر فيها مراهقون آخرون بأنهم شاهدوها عمدا في نتيجة مماثلة لأولئك المراهقين الذين لم يجيبوا عن سؤالهم عما إذا شاهدوا المواد الإباحية عن غير قصد أم لا.

 

هناك عدة عوامل تشير إلى انحراف المراهقين وممارستهم للإباحية، ومنها أن المراهق الذي يشاهد المحتوى الإباحي يميل في معظم أوقاته إلى التجارب الجديدة والمغامرة التي تمنحه مشاعر مختلفة ومثيرةٍ ويكون غير راضٍ عن أسلوب حياته، كما أن لديه اتصال سريع بشبكة الإنترنت، ويميل أيضا إلى صداقة من هم أصغر منه عمرًا. إن مستوى خطورة بحث المراهقين عن المواد الإباحية يزداد عندما تتوفر لديهم حرية الجلوس أمام أجهزة الحاسوب وتصفح الإنترنت، فكلما زاد الوقت الذي يقضونه على تلك الأجهزة زادت فرصة بحثهم عن المحتوى الإباحي لمشاهد جنسية صريحة. وبالنظر إلى جميع ما ذكره المراهقون في الدراسات التي ذُكرت آنفا فلا عجب أن المراهقين الذين يمارسون العادة السرية أثناء مشاهدة المشاهد الإباحية الصريحة يهتمون لهذه المشاهد أكثر أقرانهم الذين لا يمارسونها.

تختلف دوافع الفتيان عن الفتيات صغار العمر في البحث عن المواقع الإباحية ولكنها تماثل دوافع أولئك البالغين من الرجال والنساء في البحث عن تلك المواقع الإباحية، حيث يندفع الفتيان ابتداءً إلى البحث عن المواد الإباحية من باب الفضول أو الرغبة في تحقيق الإثارة الجنسية، أما الفتيات فتندفعن إلى المواقع الجنسية غير الإباحية ابتداءً من أجل التثقف والاطلاع عن موضوعات الصحة الجنسية أو معلومات تتعلق بالعلاقة الجنسية بين الجنسين، كما يختلف تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الفتيان والفتيات الصغار، حيث أجاب الرجال عن تذكرهم لذكريات عن مشاهد جنسية صريحة أكثر من الإناث، وأجابوا أيضا بأن سلوكياتهم أصبحت متجهة نحو البحث المتعلق بالجنس دون هدف معين مع ارتفاع مستوى إدمانهم للمحتوى الإباحي. كما أشارت احدى الدراسات إلى أن المراهقين الذين شاهدوا الكثير من المشاهد الجنسية عبر التلفاز تضاعفت قابلية ممارستهم للعلاقة الجنسية.

 

  1. دور الوالدين في وقاية أبنائهم وبناتهم في عمر المراهقة من الإباحية

توصلت دراسة أجريت على 1300 فتاة تتراوح أعمارهن بين الثامنة والثالثة عشرة ممن مارسن الجنس الافتراضي عبر الإنترنت أن 95% من والديهم لم يعلموا بضلوعهن في هذا السلوك الجنسي، كما تبين في مقارنة بين المراهقين الذين لا يبحثون عن المواد الإباحية عبر الانترنت وأقرانهم الباحثين عنها أن والدي المراهقين الباحثين عن المواد الإباحية الإلكترونية لم يراقبوا سلوكياتهم وتصرفاتهم أو أن مراقبتهم لأبنائهم تكاد تنعدم بما يعادل ثلاث أضعاف مراقبة والدي المراهقين والمراهقات الذين لا يبحثون عن المواد الإباحية عبر الانترنت لهم، كما تبين أن المراهقين والمراهقات الذين يبحثون عن المواد الإباحية الإلكترونية قيموا مستوى ارتباطهم العاطفي بوالديهم بالمنخفض بما يعادل ثلاثة أضعاف تقييم المراهقين والمراهقات الذين لا يبحثون عن المحتوى الإباحي لمستوى تعلقهم بوالديهم وحبهم لهم.

إن بإمكان الوالدين التعامل بكثير من الطرق مع أبنائهم وبناتهم لتلافي وقوعهم في براثن الإباحية، ولكن الأمر يتطلب بالمقابل وجود علاقة أسرية مترابطة بين الوالدين وأبنائهم وبناتهم المراهقين والمراهقات بحيث تسهُل مناقشةُ هذا الموضوع المثير للقلق معهم.

 

  1. الخاتمة: المواد الإباحية في سياق المشكلات الجنسية والاجتماعية المعاصرة

أوضحت البيانات الإحصائية بأن مشاهدة المواد الإباحية لا تسيء تكوين مفهوم العلاقة الجنسية فحسب، بل تتعدى ذلك لتسبب إدمانا مهلكًا لمتعاطيها، ولا يؤثر هذا المفهوم الخاطئ لا على مدمني المواد الإباحية فحسب، بل يمتد أثره للقريبين منهم؛ إن الاستمرار في إدمان المواد الإباحية يمزق أواصر العلاقات البشرية والتفاعلات الإنسانية والتواصل مع العائلة والأصدقاء والمجتمع، لذا فإن توثيق أواصر المودة لتلك العلاقات هو الحل الأنجح للتصدي لهذه الميول الجنسية المدمرة للفرد والمجتمع؛ فكلما كان الأبناء الذكور قريبين من آبائهم منذ نشأتهم في الصغر تمتعوا بعلاقات زوجية وأسرية سعيدة عندما يكبرون وقلَّت علاقاتهم الجنسية المحرمة. كما أن نسبة المراهقين الذكور الذين قيموا علاقتهم بآبائهم بأنها وثيقة جداً بلغت أعلى نسبة لدى أولئك الذين نشأوا في أسر مترابطة ووالدين متحابين بمعدل 40%، أما المراهقين الذين عاشوا في بيئة انفصل بها أحد الوالدين فبلغت نسبة تقييمهم لعلاقتهم بآبائهم أقل معدلاتها بنسبة 3%.

 

انتفاع المجتمع بتعزيز السلوكيات الجنسية السليمة

تنتج عن العلاقات السليمة نتائج جنسية إيجابية، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص المتزوجين هم أكثر الناس ممارسة للعلاقة الجنسية باستمرار، وقد كانت النساء المتدينات هن الأكثر استمتاعا بعلاقاتهن الجنسية مع أزواجهن. إن المفارقة الهامة والمحزنة تكمن في أن رغبة الشخص الملحة في وصوله إلى أقصى مراحل الإشباع الجنسي هي المسبب الأول لإدمانه للمواد الإباحية، في حين أن ذلك الإشباع يتحقق بالزواج الحلال والالتزام بأداء العبادات الدينية؛ إن توثيق أواصر العلاقات الأسرية والانسجام والترابط والألفة بين أفرادها هو الحل الأهم الذي يمثل حجر الأساس لوقاية أفراد المجتمع من تأثير الإباحية، وأهم تلك العلاقات وأولها هي علاقة الوالدين ببعضهما، أما ثانيها فهي علاقتهما بأبنائهما ومحبتهما المستمرة وغير المشروطة؛ كما أن الحد من تصفح الأبناء للإنترنت ومراقبتهم وتوجيههم في مجتمعنا التقني اليوم يُعَدّ بِحدّ ذاته مصدر حماية صارم لغلق الباب في وجه غزو المواد الإباحية للبيوت والأسر ويتيح للأبناء المجال للتثقف الجنسي الطبيعي السليم الذي يؤيده المجتمع.

إن الأسر المترابطة تعتبر أفضل درعٍ لوقاية الفرد من الآثار السلبية للمواد الإباحية، وخصوصًا الأسر التي تلتزم بانتظام بأداء العبادات الدينية التي تعود عليها بالنفع والبركة والخير والتوفيق والهداية، لذلك لا بد لكل أسرة أن تتصدى منذ اليوم فصاعدًا لهذا العدو الخبيث الذي يجتث الحب والانسجام والاستقرار الأسري والاجتماعي ويتفشى كالسرطان – أعاذنا الله وإياكم جميعا منه-.

المترجمات :

 سميرة الزهراني – مشاعل الجاسر – نهى إبراهيم – نهى الحركان- خديجة الحميدي – سارة عايش – أمان الزهراني -هناء الفارس – ندى القرشي -شيماء الملحم – فاطمة الربعي – رندة أبو عسكر – رزان إبراهيم

المدققات:

أمجاد الغامدي- غادة العتيبي – مرام وليد – مودة الربيع – ود البلوي

التدقيق النهائي لترجمة المقالة: هاجر العمري

 

 

 

 

شركاء النجاح

حمل تطبيق جمعية عفة