
بقلم الدكتورة كريستين فولر
حُدّث في 25 يوليو 2022
راجعه طبيًا الدكتور دانيال ب. بلوك
الغضب شعور مرير يصعب تعبيره، وإن وجدت نفسك تتساءل عن سبب غضبك الشديد فهذه إشارة إلى وجود مشاعر إحباط وغيرة تحتاج إلى اكتشافها تحفز شعورك بالغضب، وقد تشير أيضًا إلى حاجتك إلى اكتساب مهارات تحكم جديدة تساعدك على كظم غضبك، وتخفيفه، والتعبير عنه بطريقة أفضل.
ولأن التعبير عن الغضب يسبب العديد من المشاعر السلبية، يلجأ الكثيرون إلى إخفائه وقمعه. لكن الغضب هو رد فعل طبيعي يشعر به الجميع من وقت لآخر لعدة عوامل مثل التعرض للظلم، أو النقد، أو الاستفزاز، أو حين الشعور بالإحباط. وتعد خطوة فهم غضبك واكتشاف سببه مصدرًا مهمًا للمعلومات رغم كونها بغيضة.
يكشف هذا المقال أسباب غضبك الشديد، وتأثيره على سلوكياتك، وبعض طرق التحكم به.
-يظهر الغضب بعدة أشكال، فيما يلي بعض الأعراض الدالة على أن غضبك الدائم يعد مشكلة:
-أعراض جسدية ناتجة عن شعور قوي بالغضب مثل زيادة نبضات القلب، وشد في العضلات.
-العصبية، وحدة الطبع، وقلة الصبر، والعداء
-تأثير مشاعرك الغاضبة على علاقاتك تأثيرًا سلبيًا
-الاعتداء الجسدي أو العنف
-تهديد الآخرين، أو نبزهم بالألقاب، أو الصراخ
-عدم القدرة على السيطرة على غضبك
-صدور سلوكيات متهورة عند الغضب
-تجنب المواقف المثيرة للغضب
-التفكير السلبي المفرط
-قمع الغضب
-تقلبات مزاجية مفاجئة تسبب شعورًا غامرًا بالغضب.
-الصمت والانعزال عن البشر.
غالبًا ما يكون الغضب ردة فعل لحالات الاجهاد او التهديد التي تنشط استجابة الفر والكر في الجسم، إذ في الدماغ منطقة تُعرف باسم ’اللوزة الدماغية‘ تحفز الغدة النخامية لإفراز هرمونات تهيئ الجسم إما للفرار لبر الأمان أو البقاء ومواجهة التهديد.
هناك العديد من التهديدات والضغوط المختلفة التي قد تجعلك تشعر بالغضب، منها ما يلي:
-مواجهتك لخطر جسماني يهدد سلامتك الجسدية
-عدم احترامك وتقديرك
– تعرضك للظلم
-شعورك بالضغط أو التوتر
-المنازعات الشخصية
-حدوث مشاكل في العمل
-المرور بظروف حياتية صعبة
-عدم نسيان المشاكل الماضية أو الصدمات
-الشعور بالعجز
-القلق المزمن
-تعاطي المخدرات (حمانا الله وإياكم منها).
قد تساهم عوامل أخرى في الشعور بالغضب، خاصة إذا بدا مستوى هذا الغضب غير متناسب مع مصدر الاستفزاز أو إذا حدث مرارًا وتكرارًا، إذ يمكن لبعض السمات الشخصية أن تزيد عرضة الشخص للغضب. كما ترتبط بعض الحالات الصحية والاضطرابات النفسية بزيادة مشاعر بالغضب.
وتلعب تفسيراتك للأحداث أيضًا دورًا في إثارة مشاعر الغضب، وتتأثر هذه التفسيرات بمجموعة من العوامل بما فيها الجينات، والتنشئة، والتجارب السابقة، ومستويات التوتر، والشخصية كذلك. وللتحيزات المعرفية دور أيضًا في كيفية تفسير الناس للأحداث المختلفة في حياتهم.
الجميع يشعر بالغضب من حين لآخر، لكن إذا كان غضبك شديدًا أو مبالغًا به أو متكررًا، فقد يكون ذلك علامة على مشكلة تحتاج إلى معالجة من أجل منع آثاره السلبية على حياتك وعلاقاتك.
تلعب التربية والتجارب في مرحلة الطفولة دورين مهمين في كيفية شعور الناس بالغضب والتعبير عنه والتعامل معه بعد البلوغ. فمثلًا، إذا نشأت في منزل يعبر فيه مربوك عادةً عن غضبهم بطرق غير سليمة، فمن المرجح أنك ستعبر عن غضبك بطرق مؤذية أو غير مفيدة بعد بلوغك، فتتربى على أن التعبير عن غضبك من خلال الاعتداء اللفظي أو حتى العنف مقبول. وكما في كثير من الحالات، لن تُعلّم مهارات السيطرة واستراتيجيات التنظيم الذاتي العاطفي للتعامل مع مشاعر الإحباط أو الغضب.
وتُصعّب التجارب السابقة أيضًا من معرفة الوقت والكيفية الصحيحة في التعبير عن مشاعر الغضب، فإذا نشأت في بيئة لا تقبل التعبير عن الضيق أو الغضب، عندئذ قد تحاول كبح مشاعرك الحقيقية بعد بلوغك، وبدلاً من التعامل مع الأشياء التي تزعجك، ستجد نفسك تسمح لها بالتفاقم حتى تسبب لك إحباطًا ينتهي بك إلى نقطة الانهيار.
كما يؤثر ماضيك على ردود أفعالك وأساليبك في التعامل مع مشاعرك، تحدد العديد من ظروفك الحالية كيف تشعر بالإحباط والغضب. فمثلًا، قد تؤثر بعض الاضطرابات النفسية على عدد المرات التي تشعر فيها بالغضب وكيف تتفاعل مع هذه المشاعر. فالغضب يعد من ضمن أعراض العديد من الاضطرابات النفسية المدرجة في “الدليل الإحصائي والتشخيصي للاضطرابات النفسية” الذي يعد أداة يستعملها الأطباء لتشخيص الاضطرابات النفسية.
من الاضطرابات التي تساهم في الشعور بالغضب طوال الوقت:
الغضب بحد ذاته ليس اضطرابًا، لكن تكرر سلوكيات العنف والاعتداء يعد عرضًا من أعراض الاضطراب الانفجاري المتقطع. يتصف هذا الاضطراب بنوبات غضب انفجارية عنيفة وغير متناسبة، تحدث فجأة دون مقدمات أو بعلامات قليلة، وتدوم حتى 30 دقيقة، كما يصاحبها سلوكيات عدوانية مثل: رمي الأشياء، والضرب، والجدال، والعنف الجسدي. بعدها، يشعر المضطرب بالندم والإحراج والخزي من سلوكه. مع ذلك، يشعر بأنه غير قادر على التحكم بغضبه، وبأنه غاضب طوال الوقت أو معظمه.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو اضطراب يحدث بسبب خلل في النمو العصبي يسبب أعراض متعلقة بالحركة الزائدة، وعدم الانتباه، والاندفاعية. يُشخص هذا الاضطراب عادة خلال الطفولة، لكن الأعراض قد تستمر حتى بعد البلوغ، إلا أن تأثيرها على البالغين مختلف. وبغض النظر عن كونهم بالغين أو لا، يظهر في بعض الأحيان لدى المصابين بهذا الاضطراب نفس أعراض الغضب من اعتداء جسدي وعصبية.
هو اضطراب يتصف بتغير حاد للمزاج. تتضمن نوبات حدوثه فترات من الاكتئاب والهوس والجنون ينتج عنها شعور بالعصبية والانفعال والغضب والتهور.
يسبب الاكتئاب مشاعر حزن ويأس، وكثيرًا ما يظهر فيه أعراض الغضب والانفعال. كما يشمل أعراضًا أخرى مثل فقدان الاهتمام بالأنشطة العادية، واضطراب النوم، وافتقار الطاقة، والشعور بانعدام القيمة.
يتّصف اضطراب الوسواس القهري بأفكار وسواسية وسلوكيات قهرية مُتعبة ومزعجة، كما تشير الأبحاث إلى أن الغضب غالبًا ما يكون أحد الأعراض الشائعة للحالة.
يؤدي تعاطي المخدرات إلى الشعور بالعصبية والغضب أيضًا، كما تؤثر الكحول والمواد المخدرة الأخرى على الدماغ بطرائق مختلفة تشمل تقليل التثبيط، وزيادة احتمالية تصرف الناس بتهور. حيث نشر المعهد الوطني لتعاطي وإدمان الكحول تقريرًا يفيد بأن 15٪ من السرقات، و26٪ من أعمال السطو، و37٪ من الاعتداءات الجنسية ارتكبها أشخاص يشربون الكحول.
يسبب شعورك الدائم بالغضب عواقب وخيمة على حياتك بطرائق متنوعة. وحتى لو كبحت مشاعرك، فإنها ستؤدي في النهاية إلى نوبات غضب انفجارية تضرّك وتضرّ غيرك.
وقد أثبتت الأبحاث أن الغضب الجامح يضر بالصحة الجسدية والنفسية، إذ يؤدي سوء التحكم بالغضب إلى زيادة الضغط النفسي، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات الكورتيزول والأدرينالين والنورادرينالين. كما يُوَلّد استجابة لذلك الضغط، مما يسفر عنها زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتغيرات الفسيولوجية الأخرى.
ويؤدي التعرض المطول والمتكرر لهذه التغيرات الجسدية إلى أضرار دائمة على الصحة. وتتضمن تبعات الشعور بالغضب الدائم زيادة خطر الإصابة بما يلي:
-القلق
-مشاكل القلب والأوعية الدموية
-الاكتئاب
-مرض السكر
-ارتفاع ضغط الدم
-اضطرابات النوم
-اضطراب المعدة.
-ولا ينحصر ضرره على صحتك، بل على الآخرين أيضًا، فيسبب صراعات ومشاكل اجتماعية وعملية، ويضعف علاقاتك بالآخرين، مما يُسبب لك الشعور بالعزلة والوحدة.
-إذا كنت تشعر بالغضب دائماً، فيوجد استراتيجيات تُساعدك على تهدئة غضبك والتحكم به:
-اكتشف السبب: إذا لم تكن متأكداً ماهي أسباب الغضب، دوّن وقت شعورك بالغضب، وما سبقه من أحداث في دفتر الملاحظات. مع مرور الوقت ستبدأ في اكتشاف أنماط ومحفزات مُعينة تثير غضبك.
-تمرن: تُعتبر التمارين الجسدية وسيلة فاعلة في تفريغ مشاعر الإحباط وتهدئة الغضب، وممارستها باستمرار مفيد في الحفاظ على صحتك النفسية عمومًا، فهي تُساعدك أيضًا على التعامل مع الضغوطات، وتخفيف قلقك واكتئابك.
-مارس أساليب الاسترخاء: حينما تشعر بأن مشاعر غضبك تتفاقم، أبحث عن طريقة تُخففها قبل أن تتفاقم أكثر. تساعدك أساليب الاسترخاء مثل: التنفس العميق، والتأمل، واليقظة، وإرخاء العضلات التدريجي على تحفيز استجابة هادئة تحارب الضغط والغضب.
-أعد تشكيل إدراكك: ينتج الغضب في بعض الأحيان عن طريقة تفسيرك للمواقف. فإذا كانت أفكارك وتفسيراتك للمواقف سلبية، فمن المرجح أن تشعر بالغضب. تتضمن استراتيجية إعادة التشكيل الإدراكي تغيير طريقة تفسيرك للمواقف من خلال وضع بدائل أو ممارسة أنشطة تتحدى فيها تفسيراتك.
تساعد تنمية مهارات التواصل الفَعّال على التعامل مع الغضب، فحين شعورك بالغضب حاول أن تتحدث مع الأشخاص المعنيين بدلاً من السماح لهذه المشاعر بالتفاقم. لا تستعجل واعطِ نفسك بعض الوقت للتفكير في الموقف بعقلانية ثم ناقشه بطريقة توصلك لحل للمشكلة أو لحلٍ يرضي جميع الأطراف.
توظيف مهارات إدارة الصراعات، والتعبير عن مشاعرك من خلال جملة (أنا أشعر..) ستمكنك من وضع حد للجدال ومنعه من التطور لوضع أسوء.
يقصد بالتنفيس عن الغضب التعبير عنه بطرق مختلفة، وغالباً ما يروج لهذه الطرق على أنها حل مفيد للسيطرة على الغضب، ولكنها في الحقيقة ستجعل غضبك أسوأ. فالتنفيس عن الغضب بطرق عنيفة مثل: الصراخ، وضرب القدم بالأرض، ولكم المخدات يشجع ثوران الغضب وازدياده. كما يعوّد الدماغ على الاستجابة العنيفة للغضب.
الحل الأمثل لشعور الغضب الدائم، بدلاً من تنفيسه أو التعبير عنه، هو الانسحاب من الموقف إلى أن تهدأ مشاعرك وتقل حدتها، وممارسة أساليب الاسترخاء.
المترجمون:أمان الزهراني – مشاعل الجاسر – عبدالعزيز بن عبدالله الدبيان – عبدالله علي المطرفي – صهيب حمزه هداية – أسامة بدر الحربي – ود معزي البلويالمدققون:عبدالرحيم محمد الشنقيطي – سعد منصور الحريقي – محمد العبدالرحمنالتدقيق النهائي لترجمة المقالة: رغد بن حسن |