للتحفيز دور مهم في كل ما نفعله في حياتنا من نهوضنا من فراشنا صباحًا، وأدائنا لأعمالنا اليومية وحتى في سعينا لنيل مناصب عالية في عملنا، فالتحفيز هو ما يدفعنا لإنجاز أي مهمة من بدايتها إلى نهايتها.
ترى دكتورة النفس العصبي وعضوة هيئة التدريس في جامعة كولومبيا سانام حفيظ، أن “التحفيز عملية أساسية لحياة إنتاجية، بدونه، يصعب على الأشخاص إكمال مهامهم المهمة، وموازنة حياتهم الشخصية والعملية، وتحقيق الاستفادة القصوى من أيامهم أساسًا”.
يتحفز بعض الناس بسهولة، فينجزون مهامهم اليومية دون تردد، ويظلون مفعمين بالحيوية والنشاط طوال اليوم. في حين يكافح آخرون في تحفيز أنفسهم لأداء أبسط المهام. وحتى سهلي التحفيز قد يمرون بأوقات يصعب عليهم فيها تحفيز أنفسهم.
مذكور بالأسفل بعض عوائق التحفيز الشائعة.
يقضي بعض الناس يومهم أو أسبوعهم أو أشهرهم في “ضياع” دون وجهة محددة. تقول دكتورة علم النفس سانام حفيظ” من الصعب تحفيز نفسك لأداء المهام ما لم تكن لديك أهداف واضحة”.
من الوسائل التي تعينك على تجاوز هذا العائق هي: وضع قائمة مهام يومية، أو قائمة أهداف شهرية، أو خطة مدتها خمس سنوات.
لا تقل أهمية الانضباط الذاتي أثناء إنجاز المهام عن أهمية الخطوة الأولى خطوة تحديد الهدف. تقول الحاصلة على البورد في مجالي الطب الطبيعي والتكاملي، ومؤسسة مودي هيلث، الدكتورة رتشيل إيفا ديو أن “التحفيز سلوك مكتسب”، وتضيف: “يتعلم الكثير من الناس استراتيجيات الانضباط الذاتي من خلال القيم والدروس المستفادة من الأسرة، والمشاركة في الرياضات الجماعية والتجارب المدرسية، إلا أن البعض لا يتعلم الاستراتيجيات أو العادات التي تعزز التحفيز الأمثل”.
لن يفوت الأوان أبدًا للبدء في تعزيز انضباطك الذاتي، لكنه يتطلب منك التركيز.
ينتج عن الفشل العديد من المشاعر مثل الإحراج، وكراهية الذات، والحزن، والقلق، والتوتر. وكون الخطوة الأولى للإنجاز عكرة عادةً لا يخفف من وطأة الألم الذي تسببه هذه المشاعر التي يصعب التعامل معها على نحو سليم. إضافة إلى أن الأشخاص الذين يخافون من الفشل قد يفضلون عدم محاولة فعل أي شيء مطلقًا على الفشل في فعله.
لتتغلب على هذه المشكلات بفعالية وسلامة، تحدث إلى الطبيب عن مشاعر قلة ثقتك بنفسك وخوفك من الفشل الذي يمنعك من المحاولة. وتقول عضوة جمعية السمنة وطبيبة النفس المعتمدة والمختصة في الصحة الدكتورة رتشيل جولدمان “يشعر الكثير من الناس بالخوف من الفشل ويعانون من الأفكار والمشاعر التي تأتي معه، لكنك لن تعرف النتيجة أبدًا ما لم تحاول”، و” تذكر بأن البدء ببطء وقلة سيُسهل عليك تحقيق أهدافك”.
عندما تحمل الكثير على عاتقك، ستشعر بالضيق والعجز. تقول الدكتورة سانام “عندما يُضغط الشخص بشدة، فإنه في بعض الأحيان ينسحب ويتجنب جميع المهام التي من المفترض عليه أن ينجزها”؛ لذلك تحتاج إلى رفض المهام والالتزامات الجديدة، وتخصيص وقت لنفسك، وتحسين موازنتك بين حياتك الشخصية والعملية.
حتى المتحفزون قد تهتز مثابرتهم عندما يمرون بأوقات تسوء فيها حالتهم النفسية، لذلك يُنصح لهم باتباع طرق تخفيف القلق والتوتر مثل: التأمل، وممارسة الرياضة، ومحادثة الأصدقاء. كما ينصح باستشارة الطبيب النفسي عند اشتباهك بإصابتك بالاكتئاب ليقدم لك العلاج المناسب من أدوية أو غيرها حتى تستقر نفسك وتتزن.
لم يفت الأوان بعد لتجاوز هذه العثرات الشائعة التي تعيق تحفيزك، هنا بعض النصائح التي ستفيدك حينما تشعر بأنك عالق أو محتار من أين تبدأ:
يتطلب حل أي مشكلة الاعتراف بها أولًا، ورغم صعوبة الاعتراف بسبب شعورنا بالخزي عند معرفتنا لنقاط ضعفنا، تذكر أن لا أحد مثالي، وتجنب محاسبة نفسك بقسوة.
ترى الدكتورة ديو أن العديد من عاداتنا نفعلها تلقائيًا وبدون وعي منا؛ لذلك ينبغي علينا الوعي بأساليبنا الحياتية السيئة أولًا لنتخلص منها، إذ تقول “إذا وعينا بها (أساليبنا) وواجهناها بسلوكيات مقصودة ومستمرة سنقدر على تغيير عاداتنا للتخلص مما يمنعنا من الوصول إلى أهدافنا”.
عند ملاحظتك لعادة أو أسلوب تملكه حدد كيف تعيقك هذه العادة، ثم دوّن كيف يمكنك التخلص منه.
إن الحافز الداخلي هو الغريزة التي تدفعنا لممارسة أنشطة ممتعة ومثمرة. تقول الدكتورة سانام “من الأمثلة على الحوافز الداخلية التي تدفعنا: الفضول، وتنمية الذات، والتحديات، والإحساس بالمسؤولية، والحاجة للانتماء والانتساب، وتحديد الأهداف”، وتضيف “مثلاً، تعد قراءتك لكتب عن جسم الانسان بسبب اهتمامك بعلم التشريح مثالاً على الحافز الداخلي”.
إليك بعض طرق التحفيز الداخلي التي تضيفها لبرنامجك اليومي لتنجح أكثر في تحديد أهدافك وتحقيقها:
ضع أهدافا قابلة للتحقيق: شعورك بالضغط من هدف أو مشروع شعور طبيعي. ولو كان هدفك كبيرًا، قسّمه لأهداف أصغر تحققها واحدًا تلو الآخر حتى تصل لغايتك، وتنصح الدكتورة سانام قائلةً: “مثلاً، لا يبدأ معظم الناس بالعمل في مشروع أو مهمة صعبة إلا في اللحظة الأخيرة عادةً؛ لذلك ينبغي عليك تفادي ذلك بكتابة قائمة أهداف قابلة للتحقيق لكل يوم”، و”ستشعرك هذه القائمة بالتحدي وبشعور كما لو أنك أنجزت أعمالًا عظيمة”.
كافئ ذاتك: إن مكافئة نفسك بعد كل إنجاز أو في نهاية اليوم يعوّدك على أن تكون متحفزًا. ويشار إلى هذا المفهوم من الناحية العلمية ’الإشراط الإجرائي باستخدام التعزيز‘. وبعبارة أبسط، كافئ نفسك على عملك. تقول الدكتورة سانام “عندما تعلم أنك لن تحصل على مكافئة إلا بإنجازك للمهمة، ستربط مع مرور الزمن المكافآت بالإنتاجية والتحفيز”.
كوّن عادات إيجابية مع مرور الوقت: إذا حاولت بتفاني تكوين عادات إيجابية، فإنك ستمارسها دون تردد مع مرور الوقت. تقول الدكتورة سانام: “علمياً، يستغرق تكوين العادات حوالي شهرين”، و”يحتاج الشخص إلى محاولة إنجاز أنشطته كل يوم حتى يجعل التحفيز عادة، ولا بأس بالطبع من تفويت يوم بين فينة وأخرى، ولكن دون إفراط”
تستخدم محللة السلوك الحاصلة على البورد، وأخصائية النفس التربوي المعتمدة رينا باتل في عملها وسيلة تساعدها على معرفة الترتيب الهرمي للحوافز لمرضاها، وتسمي هذه الوسيلة ’خزائن التحفيز‘.
فيما يلي استبيان التقييم الذاتي الذي تطلب الطبيبة رينا من كل مريض ملأه عندما يريد إنجاز أي مهمة سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
نوصي بكتابة إجاباتك في مذكراتك اليومية؛ إذ يشير البحث العلمي إلى زيادة احتمالية تحقيق الأهداف عندما تدوّن.
سيساعدك استعمال هذا الاستبيان على تحديد أهدافك، وزيادة شغفك الداخلي، وتوقع العثرات القادمة في طريقك ليسهل عليك تخطيها في وقتها. أيضًا، إذا قسمت هدفك إلى مهام بسيطة، لن تنضغط، أو تعجز، أو تعلق أثناء أدائهم. وأخيراً، عندما تخصص لنفسك مكافأة معينة في النهاية – سواء كانت المكافأة مادية أو معنوية أو عاطفية – ستمثل هدفًا آخر تعمل لأجله.
وننصحك عندما تحقق هدفك بأن تراجع أجوبتك للأسئلة التي بالأعلى، لتتمكن مع مرور الوقت من تحديد أنواع الأهداف التي تشكل معضلة لك، ونوع عوامل التحفيز التي تساعدك في تحقيق أي هدف، والعوائق المتكررة في طريقك، ولتفهم الطرق والأساليب التي تستعملها لتخطيها.