عفة لتعزيز الفضيلة

الإباحية وأثرها على القوة الجنسية للرجل

 

ما هو الضعف الجنسي الناجم عن المواد الإباحية وكيف يمكنك إيقافه؟

 

هل يمكن للإباحية أن تُسبب ضعف الانتصاب حقًا؟ تُظهر الأبحاث أن الإباحية في الواقع ترتبط بقلة الإشباع الجنسي لا بزيادة المتعة الجنسية وهذا يُنافي ما نراه اليوم من ادعاءات على وسائل الإعلام. دعونا نُفصّل كيف يحدث ذلك وكيف تلعب الإباحية دورًا مهمًا في زيادة حالات ضعف الانتصاب لدى المراهقين.

 

العلاقة بين الإباحية والضعف الجنسي

 

يزداد الضعف الجنسي (العجز عن الانتصاب أو ED) عند الرجال النشيطين جنسيًا تحت سن الأربعين، ويعتقد العديد من الخبراء أن المحتوى الإباحي الموجود على الانترنت يد في هذه الزيادة، فعدد الدراسات التي تُظهر وجود علاقة بين الإباحية والضعف الجنسي زادت، والان استطاع الباحثون تحديد حالات الضعف الجنسي الناتج عن المواد الإباحية (PIED) وحالات انخفاض الرغبة الجنسية غير الطبيعية الناتجة عن المواد الإباحية ايضًا.

 

كما اتضح أن استجابة الجسد تنخفض بكثرة بمشاهدة المقاطع الإباحية، فالاستمرار بمشاهدتها يزيد من الحاجة لمحتوى أكثر شناعة، بعبارةٍ أخرى، مع الوقت سيعتاد المشاهدون على تأثير المحتوى الإباحي وسيصبح المحتوى مملًا ولن يُعطي نفس التأثير، وبشكل متوقع سيحاول المشاهدون التعويض عن تلك الإثارة بقضاء وقت أكثر في مشاهدة ذلك المحتوى الخادش وبالبحث عن مقاطع أكثر فحشًا.

 

لاحظ العديد من مشاهدي الاباحية أن تلك المشاهد مثل العدوانية أو العنيفة تتسلل إلى عاداتهم وخيالتهم الإباحية، في الواقع ذُكر في احدى الدراسات أن نصف عدد اولئك الذين يشاهدون الإباحية قالوا أنه مع مرور الوقت بدأوا يشاهدون محتوى لم يكن يُلفتهم أو حتى محتوى كان يثير اشمئزازهم سابقًا.

 

ومع هذا الكم الهائل من المحتوى الإباحي، يجد بعض المستهلكين أن الإثارة لم تعد موجودة في حضور الشريك وبالتالي تبدأ مشكلتهم مع الضعف الجنسي وقد يلجؤون لمشاهدة المحتوى الإباحي لحل هذه المشكلة، كما هو موضح في هذا التقرير الشامل من الأخبار الطبية اليوم (ميديكال نيوز توداي – Medical News Today)

 

دور الدماغ

يجب علينا فهم كيف يعمل الدماغ حتى يتسنى لنا فهم كيفية تأثير المحتوى الإباحي على الضعف الجنسي، فلنبدأ بالخلايا العصبية وهي خلايا ترسل وتتلقى الرسائل بين الجسم والدماغ، يحتوي الدماغ على حوالي ١٠٠ مليار خلية عصبية وهي وحدات العمل الأساسية في الجهاز العصبي.

 

تُرسل الناقلات العصبية رسائل كيميائية بين الخلايا العصبية، فمثلًا يُساعد الناقل العصبي المسمى بهرمون الدوبامين على تدفق المعلومات إلى مقدمة الدماغ، تلك المعلومات ترتبط بالأفكار والعاطفة كما أنها ترتبط بنظم المكافآت في الدماغ مثل مركز المكافآت. تتمثل مهمة مركز المكافآت في إطلاق مواد كيميائية في عقلك كلما فعلت شيئًا صحيًا، مثل تناول طعام لذيذ أو ممارسة تمارين مكثفة أو تقبيل زوجتك ويعرف هذا الشعور ب «النشوة». وبطبيعة الحال، النشوة التي تشعر بها بسبب تدفق الدوبامين تُزيد رغبتك في تكرار السلوك الذي قمت به، ولكن العقل يحفزك على القيام بأشياء من شأنها تحسين صحتك وهذا بفضل مركز المكافآت الموجود فيه، إن الجهاز العصبي جهاز عظيم سبحان الله وتعالى.

 

تكمن المشكلة في أن الدماغ قد يُخدع، فعند التعرض لمواد تتسبب في الإدمان قد تصل للدماغ إشارات خاطئة نظرًا لأن الدماغ لا يستطيع التمييز بين المكافأة الضارة والصحية سواء كانت عن طريق الأدوية أو من مصادر طبيعية لذلك تنطلي عليه وترُسل الإشارات لتنشط مركز المكافآت، وعندها تُطلق مادة كيميائية مهمة تسمى هرمون الدوبامين وتجعل الدماغ يرغب بشدة في تلك المكافأة الزائفة. وستستمر الرغبة في الازدياد طالما تواجد الدوبامين بكميات كبيرة في الدماغ وسيشعر المدمن بالدافع القوي لمواصلة استهلاك تلك المحتويات المسببة للإدمان، في الواقع، تخطف مسببات الإدمان الدماغ وتُقلّبه وتُجبره على السير في طريق لم يُفترض أن يذهب إليه أبدًا بدلاً من تشجيعه على السلوكيات الصحية، لذا تقود مسببات الإدمان إلى أفعال غير صحية على الإطلاق ويمكن أن تكون خطرة.

خمن ما قد يتسبب في ذلك الإدمان؟

 

صحيح إنه المحتوى الإباحي، كما اتضح أن الانتصاب يعتمد على تنشيط مسار المكافأة في الدماغ حيث يلعب الدوبامين دورًا مهمًا في الإثارة الجنسية والانتصاب.

 

فيضان الدوبامين

 

عندما تمر بتجربة جنسية ماتعة، يبدأ عقلك في انشاء مسارات عصبية لربط ما تفعله بالشعور بالمتعة، بطريقة أخرى، ما يقوم به عقلك هو رسم خارطة في ذهنك لتمثل الشعور الجنسي حتى تتمكن من العودة لاحقا وتكرار التجربة والشعور. يحدث نفس الشيء عند مشاهدة الأفلام الإباحية، حيث يبدأ دماغك ببناء مسارات جديدة استجابةً لهذه التجربة الجديدة والقوية، كما لو كان الدماغ يقول: “هذا شعور رائع! دعونا نكرر هذا”.

 

تعمل خريطة دماغك على مبدأ “استخدمها أو اخسرها”، تمامًا مثلما يبدأ مسار المشي في الغابات بالوضوح مع كثرة المشي ومع الوقت، فمسارات الدماغ التي لا تتنشط تصبح أضعف ويمكن أن تُستبدل بالكامل بمسارات أخرى أقوى وأنشط.

 

 

عندما يشاهد الشخص المحتوى الإباحي بانتظام، فقد يعتاد على إثارة الصور وحداثة المحتوى الذي لا نهاية له، وسرعان ما تصبح الإثارة الطبيعية والعلاقات الحقيقية غير كافية، ويجد العديد من مشاهدي المحتوى الإباحي أنهم لا يجدون الإثارة في أي شيء سوى الإباحية.

 

ما مدى سوء المشكلة؟

 

ضع الأمر على هذا النحو: يرى الأطباء والمهنيون الطبيون عددًا متزايدًا من الشباب الذين لا يستطيعون التعامل مع شريك حي حقيقي ولكنهم ما زالوا يؤدون أداءً جيدًا عند وجود المحتوى الإباحي.

 

يوفر الإنترنت والوسائل الرقمية الأخرى كمية غير محدودة من هذا المحتوى، لذلك يبدأ بعض الرجال في مشاهدة كميات هائلة من المحتوى الإباحي للحفاظ على مستويات عالية من الإثارة الجنسية ولكن عندما يحاولون التعامل مع شريك جنسي حقيقي، فإن الإثارة التي يشعرون بها لا تصل لمستوى توقعاتهم وغالبًا ما يكونون غير قادرين على الحفاظ على الانتصاب.

 

إن الأنشطة الجنسية التي عادة ما تمنح الناس دفعة من الدوبامين وتجعلهم سعداء لم تعد كافية لدعمهم لذا يتحتم عليهم النظر للأفلام الإباحية للحصول على الإحساس الذي يحتاجونه، وهذا ما يؤدي إلى الضعف الجنسي.

 

ضعف الانتصاب الناتج عن الأفلام الإباحية

 

صممت الإباحية لجذب الانتباه ولإيقاع المشاهد في الإدمان، وغالباً ما يفعل الممثلون أمورًا لا تحدث في الحياة الواقعية، ولسوء الحظ، تتكون صورة نمطية لهذه المشاهد في مخيلة المشاهدين وتصبح فكرتهم عن الجنس مشروطة بها، لكنها لا تنطبق على حالات الحياة الجنسية الحقيقية.

 

بعبارة أخرى، الخيالات الزائفة لا تُقارن بالواقع الحقيقي، فلم يعد الجنس التقليدي يُلبي تطلعات بعض الناس مما يؤدي إلى انخفاض هرمون الدوبامين وقد يتسبب في قتل الرغبة الجنسية عند بعض الأشخاص خاصة ما لم تكن هناك شروط محددة.

 

كما تشير الأبحاث إلى أن الإباحية مرتبطة بالعجز الجنسي لكلا الطرفين الرجال والنساء، فتتسبب في مشاكل في الإثارة والأداء الجنسي وصعوبة الوصول إلى النشوة وانخفاض الرضا الجنسي، لكن الخبر المطمئن هو أن الدراسات أظهرت أن بعض الرجال الذين يعانون من الضعف الجنسي بسبب مشاهدة الإباحية استطاعوا التغلب عليه بمجرد تركهم هذا المحتوى.

 

ما أهمية هذا الموضوع؟

 

لا تزال العلاقة بين الإباحية وضعف الانتصاب الجنسي تُبحث، لكن الدراسات المتواجدة حاليًا وضحت لنا الكثير خاصة لدى المراهقين والشباب الذين يمارسون الجنس فقد تتسبب الإباحية بتشوية صورة الجنس الواقعية، من المهم التحدث مع الشباب بخصوص الإباحية وأثارها السلبية بشكل صريح. لحسن الحظ أن الدماغ عضو مرن لذا يمكننا تخفيف الآثار السلبية للإباحية وتحسين التجربة الجنسية. السبب في أننا نحارب الإباحية ونكافح للحب الحقيقي، هو أننا نعتقد أن الجميع يستحق تجربة الحياة الجنسية الصحية والاطلاع على الأضرار الحقيقية للإباحية.

شركاء النجاح

حمل تطبيق جمعية عفة