عفة لتعزيز الفضيلة

سلسلة الضغوط النفسية الوخيمة التي يتعرض لها الفرد جرَّاء تعاطيه للمواد الإباحية

 

هناك ارتباط وثيقٌ بين التعرض للضغوط النفسية وبين الإدمان، حيث يستجيب لها الفرد الذي يعاني من سلوكٍ إدمانيٍّ أو قهريٍّ استجابةً وخيمة، مما يجعله يمر بمراحل متتالية يحاول فيها مواجهة تلك الضغوط مواجهةً تجر عليه الويلات. وفي ظل عالمنا المعاصر الذي كثرت فيه مسببات الضغوط وأصبحت تُرَوَّج فيه طرق تفاديها، كان لا بد من الإيضاح بأن مواجهة الإنسان للضغوط النفسية ذات المستويات المعتدلة هو أمر صحي وطبيعي؛ إذ أن تعرضنا للضغوط النفسية والقلق يُنشّطان عمل العمليات العصبية والكيميائية داخل أجسادنا، مما يساعدنا على الاستجابة الملائمة للعوائق والتحديات التي نواجهها في حياتنا.

وأوضحت الباحثة في مجال الضغوط النفسية دانييلا كوفر بألا بأس بمواجهة الإنسان لبعض الضغوط لأنها تحفزه لبلوغ أفضل مستويات وعيه بإنجازه السلوكي والمعرفي، كما أظهرت أبحاثها التي أجرتها عن تأثير الضغوط النفسية على الفئران بأن المواقف المتناوبة الـمُرْهِقـــة ساعدت على نشوء خلايا جديدة في أدمغتها، مما حسن أدائها الذهني فيما بعد.

 

 

 العلاقة بين التعرض للضغوط النفسية والإدمان

 

يعتبر التعرض المعتدل للضغوط نافعٌ ومفيد، ولكن تعرض المدمنين للضغوط يحمل في طياته مراحل استجابة متباينة. وقد شرع الباحثون في ملاحظة الأساليب التي تبين ارتباط حالات الإدمان المختلفة الوثيق بتضرر نظام مواجهة الضغوط في أجسادهم الذي يسبب عجزهم عن مواجهة تلك الضغوط.

 

ترتبط استجابة الشخص للضغوط بإدمانه ارتباطا ذو عواقب وخيمة ، فالضغوط والتوتر لا يحثانه على الاستجابة الملائمة للعقبات والتحديات الحياتيةِ بل إلى الإدمان، وحين يتوقف عنه سيعاني من الشعور بالتوتر والضغط الشديدين المعروفان بمسمى “الأعراض الانسحابية”، وبالتالي يؤدي ذلك إلى خضوعه لسلسلة مراحل إدمانية ضارة تعيده من حيث توقف، فيعود إلى نفس السلوك أو المادة المسببين للإدمان. ومن ذلك يتبين لنا أن تعرض المدمنين للضغوط الحياتية والتوتر لا يحثهم على الإنتاجية أو فعل السلوكيات الإيجابية، بل يغذي فيهم سلوك مراحل الإدمان فحسب.

إن عجز المدمن عن مواجهة ضغوط الحياة نظرا لتضرر نظام مواجهة الضغوط في جسده يعد أمرا شائعا، حتى إن نورا فولكو وجورج كوب الباحثين الرائدين في مجال الإدمان صنفاه واحدا من التغييرات الأربعة التي تحصل في الدماغ لدى جميع أنواع حالات الإدمان مع بقية التغييرات الثلاثة الباقية، ألا وهي: تجيش المشاعر وحساسياتها المفرطة، والبرود الجنسي، وقصور أداء الفص الأمامي في الدماغ المسبب لصعوبة قدرة المدمن على ضبط سلوكياته اجتماعيا.

 

 

العلاقة بين التعرض للضغوط النفسية وتعاطي المواد الإباحية

 

تساؤلنا الذي نحن بصدده هو عما إذا كان هناك قصور أيضا في نظام مواجهة الضغوط في أجساد مدمني المواد الإباحية من ذوي السلوك الإدماني القهري أم لا؟ وقد كانت الإجابة بناءً على الأبحاث بنعم، حيث أجرت أبحاث علمية حديثة دراسات على أشخاص يعانون من أحد مظاهر فرط النشاط الجنسي بما فيها سلوك تعاطي المواد الإباحية القهري، كما بحثت عن علامات تدل على قصور نظام مواجهة الضغوط في أجسادهم ثم قارنت نتائج كل حالة بالمجموعة المُراقَبة.

فعلى سبيل المثالِ أثبتت إحدى الدراسات بالأدلة ظهور مؤشرات أكبر على إصابة ذوي اضطراب فرط النشاط الجنسي بالتهيج، مما يدل على تعرضهم لمعدلات ضغوط نفسية مرتفعة وغير طبيعية، كما اتضح بأن معدل إصابتهم بذلك التهيج متوافق مع معدل فرط نشاطهم الجنسي. واكتشفت أيضا عدة دراسات أخرى حدوث تغيرات في جينات المرضى ذوي اضطراب فرط النشاط الجنسي، حيث إن تلك الدراسات تعتقد أهمية دور الجينات في استجابة الجسم للضغوط. وقد أُثبتت الدراسات السابقة ظهور هذا التغير الجيني بمعدل غير طبيعي في أجساد مدمني الكحول.

 

 

المترجمتان: ندى كامل القرشي- ريما فهد

المدققتان: رغد بن حسن – غادة ماجد

التدقيق النهائي للمقالة : هاجر العمري

 

 

شركاء النجاح

حمل تطبيق جمعية عفة